المكتبة الرياضية الشاملة - http://www.sport.ta4a.us/
  • الرئيسية
  • البحث
  • اتصل بنا
  • التسجيل
    المكتبة الرياضية » العلوم الإنسانية » المناهج وطرق التدريس » تطور المنهج منذ الثورة الصناعية

    تطور المنهج منذ الثورة الصناعية

    31 مارس 2018, 23:16
    المناهج وطرق التدريس
    2 213
    0
    تطور المنهج منذ الثورة الصناعية

    تطور المنهج منذ الثورة الصناعية

     

    لا شك ان المنهج التقليدي (الكلاسيكي) كان له اهمية وقيمة وظيفية اثناء عصر النهضة، فقد كان شعار العصر الاهتمام بالنواحي العقلية والنواحي الجمالية والنواحي الاخلاقية. ولم يكن الاهتمام بالنواحي الجسمية مغفلاً، فقد كان على رجل الحاشية ان يمهر في فنون المبارزة والسباحة والمصارعة وركوب الخيل. ولذلك كان الطلاب يقبلون على دراسة الثقافة اليونلنية واللاتينية بدافع من انفسهم وتجاوبا مع روح العصر ومطاليبه. ولكن هذا الاتجاه لم يستمر في عصر ما بعد النهضة اذ تحول الاهتمام من تفهم تلك الثقافة والتعرف على مكوناتها الى مجرد تدريس اللغتين اليونانية واللاتينية والتعرف على قواعد النحو فيهما. كما ظهرت عوامل اجتماعية ادت الى تدهور المنهج الكلاسيكي، واول هذه العوامل هو ظهور اللغات القومية. فبالرغم من ان اللغة اللاتينية اشتهرت كلغة رجال السياسة والمتعلمين ولغة الكنيسة وقصور الملوك الا انه لم يعد في امكانها منافسة اللغات القومية. فقد وجد الملوك في اثناء محاولاتهم بناء دولهم على اسس قومية ان اللغات القومية عامل مهم من عوامل الوحدة القومية القومية لانها لغة العامة من الشعب في حين ان اللغات الكلاسيكية لغة الخاصة بهم. يضاف الى هذا ان قيام الثورات الديمقراطية والصناعية في نهاية القرنين الثامن عشر والتاسع عشر واهتمام هذه الثورات بعامة الشعب رفع من قيمة اللغات القومية التي يستخدمها اولئك العامة. وهناك عامل ثالث ادى الى تدهور المنهج الكلاسيكي وهو اصرار انصاره على عدم ادخال العلوم الحديثة التي اخذت بالانتشار في القرنين السابع عشر والثامن عشر فيه. وادى هذا الاصرار الى نفور بعض الناس من المنهج الكلاسيكي لاحساسهم بانه لا يتجاوب مع مقتضيات العصر ومطاليبه. وقد تاثر المنهج بتلك العوامل في عدة نواح من اهمها:

     

    أ- ظهور العلوم الحديثة في المنهج:

    كانت العلوم فيما بين القرنين السادس عشر والسابع عشر تقوم على الناحية اللفظية ومستمدة في معظمها من اراء القدماء وخاصة الفلاسفة الاغريق مثل ارسطو ولكن العلماء في القرنين السادس عشر والسابع عشر بدءوا في مناقشة النظريات العلمية الموجودة والمتوارثة مناقشة علمية، وتمكن بعضهم من اكتشاف كثير من الاخطاء فيها، ومن ثم بدأت العلوم الحديثة في الظهور وخاصة بعد ان بدا المنهج العلمي في البحث يؤثر في اغلب الميادين العلمية، ومن هنا اخذت علوم الميكانيكا والجغرافية والتاريخ والطبيعة والرسم في الظهور الى جانب الفلك الذي كان يدرس منذ عهد الاغريق. وبدات المدارس ايضا في استعمال نماذج الكرة الارضية والميكروسكوبات والبوصلات وغيرها من الاجهزة العلمية. وكان ادخال تلك العلوم والادوات في المنهج تجديدا بالنسبة للمنهج النظري الذي كان سائدا حتى ذلك الوقت.

    ولما انتشرت العلوم في القرن التاسع عشر على اثر الاكتشافات العلمية المتعددة، بدات اهمية دراستها تتضح، وخاصة في انكلترا عقب الثورة الصناعية، فقد نادى هكسلي (1815-1895) بان من العار على انكلترا وهي بلد ذات مصالح صناعية وتجارية ان تهمل تدريس الكيمياء والطبيعة في منهاج دراستها بالرغم من ان صناعتها وتجارتها تتوقف على هاتين المادتين. وقد تقبلت انكلترا هذا الاتجاه وشاركتها فيه عدة دول اخرى كالمانيا وفرنسا والولايات المتحدة الامريكية، وكان ذلك في منتصف القرن التاسع عشر، ومنذ نهضة العلوم الحديثة، بدات الرياضيات تاخذ مكانا ممتازا كمادة دراسية ذات نفع في دراسة تلك العلوم بعد ان كانت مهملة في عصر النهضة. وقد استخدمها كبلر في دراسة الفلك واستخدمها نيوتن في التوصل الى قوانين الجاذبية.

    ومنذ بدات العلوم تشق طريقها في المنهج وتزداد اهميتها بدا النزاع بين انصارها وانصار الدراسات الكلاسيكية، فقد كان انصار الدراسات الكلاسيكية يؤكدون دائما على اهمية موادهم في التدريب العقلي. ولكن انصار العلوم الحديثة نادوا باهمية تلك العلوم في تلك الناحية ايضا، ووجدنا هربارت سبنسر (1820-1903) يقول ان العلوم لا تماثل دراسة الفنون الكلاسيكية فحسب، بل تتفوق عليها في دراسة العقل، فاذا كانت دراسة اللغات تدرب الذاكرة فدراسة العلوم تدرب الذاكرة والفهم معا)(7).

    ولم يقتصر الامر على ادخال العلوم الطبيعية في المنهج، بل ادخلت ايضا عدة مواد اخرى سميت بالعلوم الانسانية الحديثة، ومن اهمها دراسة اللغات الحديثة والتاريخ والجغرافية. وقد ساعد ظهور القوميات والديمقراطية على ادخال اللغات الحديثة في المنهج والتقليل من اهمية اللغات القومية الحديثة ايضا حيث وجد ان هذه العلوم تتضح اكثر باستعمال اللغات القومية في التعليم، ولم يكن للتاريخ وجود مستقل كمادة رئيسية في المنهج قبل القرن التاسع عشر، فقد كان مقصورا على دراسة تاريخ اليونان والرومان بطريقة غير مباشرة اثناء دراسة الاداب اليونانية والرومانية. وقد ظل التاريخ جزءا من الادب حتى بعد استعمال اللغات الحديثة ثم انفصل عنه نتيجة لظهور القوميات والحركات الديمقراطية، اما الجغرافية فلم تظهر اهميتها الا بعد الاكتشافات الجغرافية، وكانت في بدء عهدها مقصورة على مجرد تدريس اماكن البلدان وحدوده. ولكن دراسة تلك المادة تطورت بعد ظهور القوميات المختلفة ونتيجة للتصنيع واصبحت تهتم بدراسة علاقة الانسان بالبيئة التي يعيش فيها.

     

    ب- الاهتمام بالتربية الرياضية في المنهج:

    كان الاغريق، كما ذكرنا من قبل، يهتمون اهتماما بالغا بالتربية الجسمية، غير انها اهملت نسبيا في العصور الوسطى، حتى جاء روسو في القرن الثامن عشر واقترح منح الطفل حرية كبيرة في القفز والتسلق ولتسهيل حرية الحركة، راى روسو (1712-1778) ان يلبس الطفل ملابس بسيطة وواسعة، وهو امر مخالف لما كان متبعا في ذلك الوقت، اذ كان من المالوف ان يلبس الاطفال ملابس مشابهة لملابس الكبار. وكان روسو يرى ان ارتداء الطفل للملابس البسيطة الواسعة يساعد على نمو جسمه نموا صحيحا قويا، ويساعده على تحمل نوبات الحرارة والبرودة الزائدة.

    وكان بزداو (1723-1790) من اوائل الذين حاولوا تطبيق اراء روسو في التربية الرياضية، وذلك في مدرسته الشهيرة وتبعه في ذلك جوان جتس موتس (1859-1839) الذي ابتدع عدادا من التمرينات الرياضية عرفت منذ وقته بالالعاب الرياضية. ولكن هذه الالعاب لم تكن كل ما يتضمنه الفلاحة والعمل اليدوي والنزهات الخلوية.

    واذا كان غرض جتس موتس من التربية الرياضية العناية باجسام الاطفال والشباب، فقد كان غرض فدريك لودويج جان (1778-1835) منها تنمية الروح الوطنية، فقد كان من الالمان الذين احسوا بهزيمة بلاده في موقعه فيينا على يد نابليون، ولذلك كان يهدف الى خلق جيل قوي يستطيع في الوقت المناسب ان يتخلص من اعدائه وسحقهم، ولتحقيق ذلك كان يدرب تلاميذه على بعض التمرينات والالعاب الرياضية، كما كان برنامجه في التربية الوطنية يتضمن الاناشيد الوطنية وقصص الكفاح.

    وقد ربط السويديين بين التربية الرياضية وبين علمي التشريح والفسيولوجيا. وقد وضع ليبج (1776-1938) عددا من التمرينات الرياضية تقوم اساسها على الدراسة العلمية لجسم الانسان. ولعل اهم ما يميز هذه التمرينات السويدية هو ملائمتها للضعاف والاقوياء من التلاميذ. وكان لينج يفضل ان يمارس التلاميذ كمجموعة نوعا معينا منها.

    وقد عبرت التمرينات الرياضية والسويدية شواطئ المحيط الأطلنطي، وظهرت في مناهج المدارس الامريكية بدء القرن التاسع عشر، وتضمنت مناهج التربية الرياضية دراسات عن التغذية والصحة البدنية والعقلية. كما اصبح الاشراف الصحي على التلاميذ امرا هاما.

     

    ج- ظهور اهمية العمل والتربية المهنية في المنهج:

    لقد راينا ان نهضة العلوم ساعدت الثورة الصناعية، وان هذه الثورة بدورها جعلت للعلوم مركزا هاما في المنهج، وقد اثرت الثورة الصناعية وظهور الديمقراطية السياسية والاجتماعية على ناحية اخرى من نواحي المنهج وهي العمل. ففيما قبل الثورة الصناعية كانت التربية المهنية تحتل مكانا بسيطا في المنهج التقليدي للمدارس.

    وكان التدريب على الفنون التجارية والصناعية يمارس عن طريق التلمذة خارج المدرسة. وقد نشا نظام التلمذة منذ ايام الاغريق، كما اشرنا الى ذلك من قبل، ووصل الى مستوى عال من التطور حين انتشر نظام النقابات الحرفية في العصور الوسطى وعصر النهضة.

    وقد اتبع نظام التلمذة في تعلم الحرف والمهن المختلفة. وكان معلم الحرفة او المهنة يعلم تلاميذه القراءة والكتابة ومبادئ الاخلاق الى جانب تعليمهم اسرار الصناعة، ونظرا لان التلميذ كان يقيم غالبا مع اسرة المعلم في منزله فان سلوكه كان موضع ملاحظة العلم.

    ولما حولت الثورة الصناعية الانتاج من المنازل الى المصانع، ومن الصناعة اليدوية الى الصناعة الالية، حيث تغيير كبير في الصناعات المختلفة تبعه اعادة النظر في التربية المهنية والتعليم الصناعي. فقد كان العامل اليدوي معتادا على التعرف على خطوات الصناعة التي يحترفها من بدء وجودها في صورة مواد خام حتى توزيعها بعد انتاجها، ولكن العامل في الصناعات الميكانيكية اصبح في غير حاجة الى التعرف على كل دقائق الصناعة، بل لم يعد هذا في امكانه لتعقد عملياتها. كما ان المصنع الحديث لم يعد يحس بمسئوليته في الاشراف على تربية الصناع الجدد، كما كان يحدث بالنسبة لاصحاب الحرف من قبل، حيث كان معلم الحرفة يشرف على التربية العامة والفنية والاخلاقية لتلاميذه.

    ولم يتطور التعليم المهني والصناعي بصورة سريعة ليتلائم التغيير الذي نتج عن الثورة الصناعية، غير ان هناك اتجاهين بدءا في الظهور ببطء اولهما ظهور اهمية التربية المهنية بالنسبة للانتاج مما ادى الى توجيه الانظار نحو الاهتمام بهذا النوع من التعليم، وثانيهما العناية بالتربية المهنية والمطالبة بجعلها من ضمن المواد الدراسية في المنهج نظرا لاعتماد الصناعة على الاسس العلمية ولان اقتصاديات الصناعة ونظمها اصبحت معقدة وتحتاج الى دراسة منظمة. وقد شجع انصار الفلسفتين الواقعية والطبيعية هذين الاتجاهين. فوجه انصار الفلسفة الواقعية اهتمامهم نحو استخدام الوسائل التعليمية في المدارس كالكرة الارضية والميكروسكوبات والنماذج المختلفة كما ذكرنا من قبل، كما طالبوا باستعمال الالات التي يستخدمها الصناع في المدارس ليتدرب عليها الطلاب تدريبا عمليا. اما اثر الفلسفة الطبيعية فقد ظهر في اتجاه روسو نحو تقوية الاتجاهات المهنية في المنهج. فقد ذكر ان العمل اليدوي هو اقرب الوسائل الطبيعية التي يمكن للفرد ان يكسب بها عيشه(8).

    كما ذكر ان اميل (يتعلم من بقائه ساعة واحدة في العمل اليدوي اكثر مما يتعلمه من يوم كامل في التعليم النظري)(9).

    وذكر في موضع اخر (اذا كنت بدلا من ان اشجع الطفل على ملازمة كتبه استخدمه في المصانع فان يديه ستعملان على نمو عقله)(10).

    وعلينا ان نلاحظ ان روسو حين دعا للعمل اليدوي كان يرجو من وراء ذلك تحقيق غايات اجتماعية وفردية. فقد كان يرى ان من المهم ان يتعلم الفرد حرفة، ليس مجرد معرفتها بل لتعديل اتجاه الناس نحو العمل ونحو التربية المهنية(11).

    وقد تبع روسو عدة فلاسفة اهتموا بالعمل المهني، فادخل بزادو في مدرسته الصناعات في المنهج. كما اهتم بستالتزي السويدي بالتعليم المهني وكان يرى ضرورة وجود برنامج دراسي مهني، لان وجود مثل هذا البرنامج يعد من احسن الوسائل لرفع مستوى الفقراء وكان جون لوك الفيلسوف الانكليزي يعتقد ان للتدريب اليدوي قيمة تربوية منفصلة عن الغرض النفعي. ولهذا حبذ ان يتعلم ابناء الميسورين حرفة من الحرف لانها، كما يقول، تدريب تربوي هام يتمثل في احترام هؤلاء الناس لقيمة العمل والرفع من شانه. هذا الى جانب انها تدريب نفعي لهم.

    وكان فروبل يهتم بالقيمة التربوية للعمل اكثر من أي فيلسوف اخر. فقد تبع فروبل روسو في الاعتقاد بان النشاط الذاتي طبيعة اساسية في الطفل، وكما ان اللعب هو الشكل الطبيعي الذي يتخذه نشاط الشخص الكبير. وذكر في كتابه (تربية الانسان) ان الكائن الحي الصغير النامي يجب ان يتدرب مبكرا للعمل وللنشاط الابداعي المنتج. فالدروس عن طريق العمل وبواسطته، والدروس عن طريق الحياة ومن الحياة، هي اكثر انواع الدروس تاثيرا وانتاجا(12).

    وقد تابع ديوي الفيلسوف الامريكي ما بداه روسو وفروبل واوضح ان الاساس الاول للنشاط التعليمي يقع في الاستعدادات الفطرية للعمل والحركة والنشاط وطالب ديوي بادخال مواد الطهي والحياكة والتجارة وما شابهها في المنهج. بل اعطى هذه المواد المكان الرئيسي فيه. وكان يؤكد ضرورة جعل العمل اهم ما يركز عليه المنهج، وانه من واجب الدراسات الاكاديمية الاخرى ان توضح اهميته، فمواد التاريخ والجغرافيا والرياضة مثلا يجب ان تزيد من فهم طبيعة العمل وقيمته.

    وبالرغم من كل هذه الاتجاهات الحديثة نحو العمل ونحو الدور الذي ينبغي ان يقوم به في المنهج، فان نظرة الناس اليه حتى وقتنا هذا ما زالت اقل من نظرتهم الى الدراسات الاكاديمية النظرية في بعض المجتمعات. وليس ادل على هذه النظرة من اقبالهم على الحاق ابنائهم بالمدارس الثانوية الاكاديمية عن الحاقهم بالمدارس الصناعية.

     

    المصادر:

    (7) Spencer, H., “Education intellectual, Moral and physical (London, Dent and sons Ltd..nd), P.39.

    (8)Roussea U,J.J, Emile, (London: Dcnt J.M and Sons, 1911), P. 158.

    (9) Roussean, J.J., Emilius and Sophia, (London: Becket and Hudt, 1763), Vol. 2, P.64.Quoted by brubacher,op. Cit, P.280.

    (10) Rousseau, J.J. Emile, op. Cit, P.140.

    (11)Archer. R.L., Rousseau on Education, (London).

    (12) Froebel, Education of man. (London: Appleton, 1905) PP. 33-34.

    المكتبة الرياضية الشاملة على تيلجرام telegram

    برجاء ذكر المصدر حتى تعم الفائدة :المكتبة الرياضية الشاملة : تطور المنهج منذ الثورة الصناعية

    التعليقات
    الحد الأدنى لطول التعليق هو 255 حرفا. التعليقات خاضعة للإشراف
    رسالة الموقع
    نعتذر عزيزي مجموعة الـ الزوار غير مسموح لها باستخادم خاصية التعليقات .
    فضلاً قم بالتسجيل لتتمكن من التعليق على المواضيع

    المقالات التي قد تهمك أيضا: