كيف تأتينا الأفكار؟
كيف تأتينا الأفكار؟..
بداية يجب أن نعرف معنى كلمة «فكرة» فعندما نقول مثلاً: محمد طيب.. يكون عندنا شيئان أو كلمتا، الأولى «محمد» والثانية «الطيبة» وهناك علاقة بين الاثنين بين «محمد» و«طيبة» إذن هما لفظان وضع كل منهما بجانب الآخر، وهذا يقودنا للسؤال: من أين تأتي الفكرة أو الأفكار؟
تأتي الفكرة من خارجنا.. من خارج أنفسنا.. تقودنا إليها حواسنا كالرؤية أو المشاهدة، السمع أو الإنصات، الشم والتذوق، اللمس. بعبارة أيسر: من خلال حواسنا الخمس. وتأتي أيضاً من حركتنا ومن ذاكرتنا ومن رصفنا للأشياء بجانب بعضها.والتعليم والمعرفة قوامهما هذه الحقيقة، فالأم تقترب من طفلها الصغير في مهده، وتقدم له الكرة ولونها أحمر وتهتف مشيرة إلى الكرة أحمر، وتعرض عليه صورة في كتاب أو معطف لونه أحمر، وتردد أحمر وبهذا الأسلوب أو الطريقة يتعرف الطفل على اللون الأحمر وتتكون عنده فكرة واضحة عنه.
والأفكار لا تأتي من فراغ إنما تأتي نتيجة لخبراتنا ومعلوماتنا وقدرتنا على تدريب أذهاننا على التفكير كيف؟
لابد من سؤال يثير حيرتنا لابد من مشكلة نبحث لها عن حل هكذا تحققت كل الأفكار والمخترعات العظيمة.
نعرف كيف توصل نيوتن لنظرية الجاذبية الأرضية، فعندما سقطت التفاحة من الشجرة على الأرض سأل نفسه: لماذا سقطت ولماذا لم تصعد؟ وفكر وتوصل إلى أن السبب هو الجاذبية الأرضية.
والمهم في الأفكار أن تكون جديدة مبتكرة وهذا ما يجعل أصحابها مبدعين مؤلفين مخترعين ممتازين، وناجحين.
ويمر تفكير الإنسان للكشف عن الأشياء بمراحل ثلاث، أولاهما هي مرحلة الملاحظة العامة، والثانية هي مرحلة الفرض والنظرية، أما المرحلة الثالثة والأخيرة فهي مرحلة البرهان العقلي.
يبحث الشخص بعد أن تكتمل الفكرة في عقله عن براهين وأدلة لإثبات صحة الافتراض من الواقع والتجربة, وعندها سوف يحصل في النهاية على التقين من صحة الفكرة أو خطئها.
إن هذا التسلسل المنهجي في التفكير هو الذي يقودنا إلى اكتشاف الحقائق, ومن يتخطى هذه المراحل يقع في الخطأ, فمن يفترض قبل أن يكون الملاحظات العامة فانه يقع في الخطأ.
عقلك وتفكيرك يصنعان نجاحك
نادراً ما نفكر في طريقة التفكير لأن بعضنا معتاد على التصرف بآلية العفوية في مجمل شؤون حياته وفق ما يسمى بالأفكار المنمطة والمعلومات الجاهزة,لكن في لحظة القرار المصيري سرعان ما تقول: يجب أن أفكر ملياً كي تأتي النتيجة محمودة العواقب.
ولغاية ذلك ابتكر مدير إعلانات أمريكي طريقة معينة يمكن أن تساعد على آلية التفكير حيث يشدد على الأمور التالية:-
هذا يعني أن "المفكر" هو ذلك الإنسان العقلاني الذي يستخدم عقله في كل المواقف ولا يعتمد على غيره في التفكير,هو الذي يسعى برأسه نحو هدفه لا يترك قدميه تقودانه إلى هدف غير محدد.
ما هو التفكير؟
التفكير أمر مألوف لدى الناس يمارسه كثير منهم ، ومع ذلك فهو من اكثر المفاهيم غموضاً وأشدِّها استعصاءً على التعريف . ولعلَّ مردَّ ذلك إلى أن التفكير لا يقتصر أمرُه على مجرد فهم الآلية التي يحصل بها ، بل هو عملية معقدة متعددة الخطوات ، تتداخل فيها عوامل كثيرة تتأثر بها وتؤثر فيها . فهو نشاط يحصل في الدماغ بعد الإحساس بواقع معيَّن ، مما يؤدي إلى تفاعلٍ ذهنيٍّ ما بين قُدُرات الذكاء وهذا الإحساس والخبرات الموجودة لدى الشخص المفكر ، ويحصل ذلك بناءً على دافعٍ لتحقيق هدف معين بعيداً عن تأثير المعوقات .
يتضح لنا من هذا العرض أن التفكير عملية ذهنية لها أركان وشروط ، وتدفعها دوافع ومثيرات ، وتقف في طريقها العقبات . كما نلاحظ تعدد الجوانب وكثرة العوامل المتداخلة والمؤثرة والمتأثرة بالتفكير ، ولعلَّ هذا ما يُفسّر كثرة التعريفات الواردة على التفكير ، وكثرة التقسيمات المتعلقة به وبعملياته ونواتجه .
بناءً على ذلك يمكن صياغة التعريف التالي للتفكير:
التفكير عملية ذهنية يتفاعل فيها الإدراك الحِسّي مع الخبرة والذكاء لتحقيق هدف ، ويحصل بدوافع وفي غياب الموانع .
حيث يتكون الإدراك الحسي من الإحساس بالواقع والانتباه إليه ؛ أما الخبرة فهي ما اكتسبه الإنسان من معلومات عن الواقع ، ومعايشته له، وما اكتسبه من أدوات التفكير وأساليبه ؛ وأما الذكاء فهو عبارة عن القدرات الذهنية الأساسية التي يتمتع بها الناس بدرجات متفاوتة . ويحتاج التفكير إلى دافع يدفعه ، ولا بد من إزالة العقبات التي تصده وتجنب الوقوع في أخطائه بنفسية مؤهلة ومهيأة للقيام به .
ما هي مهارة التفكير وهل يمكن تَعلُّمها؟
إن تَعلُّم مهارة التفكير أمر مؤكد قائم فعلاً على الرغم من التشكيك المُثار حول ذلك ، والذي مردُّه إلى أن التفكير عملية طبيعية تلقائية يقوم بها أي إنسان . ولكن الإنسان يقوم بعمليات تلقائية كثيرة ومع ذلك فهو بحاجة إلى تعلُّمها وتطويرها ، كما أن فطرة الإنسان لم تعد بمنأى عن التغيير والتحريف حتى في أمور الغرائز . ناهيك عن التعصب والانحياز الأعمى والغشاوات الكثيرة القابعة على منافذ التفكير . وعليه فان الحاجة إلى تعلُّم التفكير وتعليمه تتأكد بأمرين:
ومما يؤكد صدق هذا التوجه ما تقوم به الكثير من المعاهد المتخصصة والمؤسسات التعليمية من تطبيق ذلك فعلاً على ارض الواقع ، في أماكن مختلفة من العالم . وسوف أبين جوانب مما طبقته بنفسي على طلاب الهندسة الكيميائية أثناء أدائهم التجارب المعملية في المختبرات التعليمية .
تميل معظم التوجهات إلى إدخال التفكير ضمن المناهج لاتخاذه سبيلاُ للتحصيل المعرفي وإنتاج الأفكار . وهذا أمر مُلحّ لا بد أن تتبناه كافة المؤسسات التعليمية وتُدرجه في مناهجها لتواكب التقدم الهائل في التعليم ووسائله ، وليكون لدى المتعلم القدرة على متابعة الكم المتسارع من المعلومات المتدفقة بغزارة . ولكن لا بد من الحرص على أن لا يصير مآل التفكير إلى مادة دراسية لها كتاب مقرر وتُعَد لها الامتحانات . حينها سيفقد التفكير أهميته ومهمته ، ولن يتجاوز كونه معرفة جديدة تضاف إلى لائحة المعارف الموجودة . فإنه مما يُؤخذ على التعليم تركيزه على إعطاء المعلومات وكثرة الواجبات والأعباء الملقاة على المتعلمين ، مما قد يعيق عملية التفكير أثناء التعلُّم بسبب التركيز فقط على تحصيل المعرفة .
حيث يتمثل الإعداد النفسي فيما يلي:
توجيه الحواس حسب الهدف والخلفية العلمية أو الفكرية . وهذا يعني التمرس على توجيه الانتباه .
تخزين المعلومات وتذكرها بطريقة منظمة واستكشافية : إثارة التساؤلات ، استكشاف الأنماط ، استخدام الأمارات الدالة والأشياء المميزة ، اللجوء إلى القواعد التي تسهل تذكر الأشياء ، مناقشة الآخرين والتحدث معهم علهم يثيرون فيك ما يؤدي إلى التذكر .
و حتى تنطلق عملية التفكير لا بد من وجود الدوافع ، والحوافز المشجعة على القيام بالأعمال ، والدعم المادي والمعنوي من الآخرين ، كما لا بد من إتاحة الفرصة لاستثمار ما اكتسبه الفرد من مهارات بالممارسة والتطبيق في مناحي مختلفة .
معوقات التفكير وأخطاؤه يمكن أن تحُول دون التفكير أو أن تحرفه عن مساره , لذا ينبغي التنبُّه لها وتجنُّبها والتغلب عليها . ولتنمية ذلك في نفوس الدارسين فانه ينبغي أن يتوصلوا إلى ذلك بأنفسهم عن طريق التساؤلات المتبادلة بينهم وبين المدرسين ، وعن طريق التفكُّر فيما حصل بعد كل تجربة . يمكن حصر المعوقات والأخطاء في ثلاثة أمور هي : الإدراك الحسي والمعلومات والحالة النفسية لدى الشخص المفكر .
تتمثل معوقات الإدراك الحسي في عدم القدرة على رؤية الوضع مثل رؤية العوارض دون المشكلة الحقيقية ، وفي رؤية جانب واحد من الموضوع وترك الجوانب الأخرى مثل رؤية حل واحد لا غير ، وفي اعتبار جانب من الزمن فقط كالماضي . وينطبق على ذلك كثير من الفروض المسلمة وهي في حقيقة الأمر ليست كذلك . فقد وجد أن الأنماط الفكرية السائدة في الدماغ تؤثر على طريقة التفكير مما يؤدي إلى صرف الانتباه عن الوضع الصحيح ، لذا لا بد من تدريب الانتباه على ذلك .
أما معوقات واخطاء المعلومات فتتمثل في نقص المعلومات ، واستخدام معلومات خاطئة ، أو وجود معلومات زائدة عن الحاجة تؤدي إلى الإرباك .
في حين تتمثل معوقات الوضع النفسي في فقدان الرغبة في العمل والدراسة ، وعدم الاستماع للآخرين والأخذ بآرائهم ، وعند اخذ الأمور على علاتها أو كمسلَّمات ، وعند فقدان الثقة بالنفس والعزم والتصميم والانفتاح الذهني .
ولا بد من إضافة اثر البيئة أي ما يحيط بالطالب من تأثير على طريقة تفكيره من توفير الجو الملائم للتفكير . علاوةً على أن التفكير مرتبط بالبيئة الاجتماعية والثقافية والجسدية وبالمثيرات من حوله . فالجو العائلي والمجتمع مثل المدرسة لها تأثير بالغ قد يكون مشجعا وقد يكون مدمرا .
إن مثل هذه الأعمال تقوي النفس وتؤهلها للعمل الجاد وتَحمُّل المسؤولية ، فالعمل الجماعي يتطلب أن يُسهم كل واحد برأيه في استخلاص النتائج ، وان يستمع للآخرين ، وان يتجنب الوقوع في الأخطاء أمام زملائه ، كما يرفع من مستوى الكسالى ويحثهم على التقدم . كما أن المشاريع والتجارب تعني وجود أهداف لا بد من تحقيقها ، ولا بد من إنجاز العمل في وقت محدد ، وانهم لا بد أن يحصلوا على الدرجة المناسبة . كما يساهم الطلاب في اتخاذ القرارات وحل المشاكل وفي تقييم أداء بعضهم بعضا ، ثم الاستفادة من ذلك في حياتهم العملية .
التقييم هو قياس مستوى الأداء وتوجيهه . لا بد من تقييم أداء الطلاب وذلك للتمكن من معرفة المستوى الذي وصل إليه الطلاب . ومن الضروري أن تستند عملية التقييم على المستوى الشخصي والجماعي أي على قدرات الطالب الذاتية وادائة في الفريق . كما ينبغي أن تستند إلى كل من المحتوى والطريقة أي إلى المعرفة والمهارات . ويكون ذلك بالنظر إلى الأهداف هل تحققت؟ وبالنظر إلى أداء الطلاب بشكل مفصل لمعرفة نقاط الضعف والقوة في الأداء وفي اكتساب المعرفة والمهارات وفي الإعداد النفسي . وهذا يتطلب المتابعة المستمرة من قبل المرشدين والتغذية المرتدة الآنية والتفكر فيما حصل .
برجاء ذكر المصدر حتى تعم الفائدة :المكتبة الرياضية الشاملة : كيف تأتينا الأفكار؟