توازن القوة العضلية
توازن القوة العضلية:
م. أسعد عبدالله السلامي
كان للبحث العلمي الأثر الكبير في التطور الكبير التي تشهده جميع المجالات في الحياة ، ومنها : التربية الرياضية ، إذ أصبح المجال الرياضي يأخذ شكلاً علمياً مبرمجاً بعد أن كان يعتمد الخبرة ، والمشاهدات ، والتجربة الشخصية للمدرب أو المربي ، والجانب المهم في هذا التطور هو: ظهور الاختصاصات الدقيقة في التربية الرياضية مما أدى إلى الدراسة في أكثر من مجال يكون أساسياً في العمل الرياضي أو يكون داعماً ومسانداً له ، فأصبحت عملية التعليم والتدريب تستند إلى نتائج بحوث الخبراء في علم الفسيولوجي ، والبايوميكانيك ، والتشريح ، وعلم النفس ، والكيمياء الحيوية ، وغيرها من الاختصاصات التي ترتبط ، وبنسب مختلفة بمتطلبات العمل الرياضي ، أما الآن أصبح بإمكاننا أن نحلل الحركات ، ونقوم بحساب مستويات القوة ، والسرعة ، والعزوم في أي مرحلة من مراحل تلك الحركة ، فضلاً عن تحديد المسارات الحركية لكل جسم الرياضي أو لأي جزء من أجزاء الجسم متضمناً الزوايا التي تتحرك بها المفاصل منذ الشروع بالتنفيذ حتى التوقف في نهاية الأداء.
وتوازن القوة العضلية هو أحد الجوانب المهمة التي ظهرت لنا كنتاج للتطور العلمي الذي شهده العمل الرياضي ، فمع توفر الأجهزة الخاصة بقياس القوة ، والسرعة ، والطرق العلمية لتحديد قياس كل منهما لأي جزء من الجسم أصبح من السهل البحث في التوازنات المثالية في إخراج القوة والسرعة في أي مهارة ، بل حتى لكل جزء أو مرحلة من مراحل الأداء لتلك المهارة.
ونظراً لأهمية التوازن في القوة العضلية التي تؤثر في مفاصل الجسم لأداء الحركات لما لها من التأثير المباشر في رشاقة الأداء واقتصاديته ، إذ أخذ الباحثون على كاهلهم تقصي الحالات الإيجابية والسلبية التي يمكن أن تحدث للأداء الحركي بسبب هذا التوازن في القوة العضلية ، ولكي نستطيع أن نصل إلى التفاصيل الدقيقة لهذا العمل يجب أن نكون ذوي خبرة في العلوم التي تساعد على هذا الأمر كعلم التشريح ، وعلم البايوميكانيك ، والفسلجة الرياضية ، وبالنهاية تكون نتائج العمل لهذه العلوم هو: وضع الحقائق الخاصة بجسم اللاعب أو اللاعبين التي ترسم الخطوط واضحة قبالة المبرمج الرياضي ليضع البرنامج المناسب للإعداد أو التطوير أو معالجة السلبيات الموجودة ، وهذا ما يجعل عملية التدريب الرياضي ذات مسار صحيح يصل بالنهاية إلى النتائج المرجوة من البرنامج التدريبي.
إن أهمية توازن القوة العضلية يظهر جلياً في إعداد البرامج التدريبية حيث يرى بعض العلماء إن تصميم برنامج تدريبي بالأثقال لتنمية القوة العضلية في في مجموعات من العضلات في الجسم ، والتركيز على مجموعات عضلية معينة يمكن أن يؤدي إلى حدوث حالة من عدم التوازن العضلي والتي مع الأيام يمكن أن تؤدي إلى الإصابات العضلية ، وفي كثير من الأحيان يؤدي الرياضيين ولاعبو الأثقال تدريبات لتنمية القوة العضلية للعضلات العاملة في نشاطهم فقط فعلى سبيل المثال يؤدي لاعبو العدو ولاعبو الوثب تمرينات تقوية للعضلة ذات الأربعة رؤوس الفخذية ولا يؤدي أي تمرينات تقوية لعضلات خلف الفخذ وهذا يؤدي في الغالب إلى زيادة تقوية المجموعة العضلية للعضلة ذات الأربعة رؤوس الفخذية والى ضعف نسبي مجموعة عضلات خلف الفخذ وهي بذلك تكون عرضة للإصابة باستمرار نفس المشكلة تواجه لاعبي الرمي الذين يعمدون إلى تقوية العضلة الثلاث الرؤوس العضدية ويهملون تقوية العضلة ذات الرأسين العضدية.
وكذلك نفس المشكلة بالنسبة للاعبي الأثقال (رفع الأثقال) الذين يؤدون مجموعات تدريبية عديدة لتدريب مثل تدريب البنش (رقود عالي).
وكذلك تمرينات لتقوية عضلات الصدر وذلك بدون أن يقوموا بتقوية عضلات الظهر المقابلة لها وبالتالي عندما تكون مجموعة عضلية أقوى من المجموعة العضلية المقابلة لها فان الأخيرة تكون أكثر عرضة للإصابة ، وهذا لا يدعو إلى القول بان نقوم بتقوية كلا المجموعتين العضليتين بنفس القدر من القوة .
فعلى سبيل المثال: العضلة ذات الأربعة رؤوس الفخذية يجب أن تكون أقوى من عضلات خلف الفخذ بمقدار 50% تقريباً ، وبعبارة أخرى يجب على الفرد أن يستخدم أثقال اكبر بمقدار 50% عند تدريب العضلات المادة لمفصل الركبة وذلك أكثر من مقدار الأثقال التي يستخدمها الفرد عند تدريب العضلات المثنيـــة للركبـة (مثل Leg Curls).
والنقطة الهامة هنا هي ألا نقوم بتدريب المجموعات العضلية بمعزل عن بعضها ، فعند عمل العضلات على جانب من المفصل يجب أن تعمل العضلات المقابلة لها على الجانب الآخر من المفصل بنفس القدر أو تقلل من مقدار شدة التمرين بصورة متناسبة.
ويمكن التغلب على مشكلة الحصول على التوازن العضلي وذلك عن طريق تدريب كل المجموعات العضلية الكبيرة بالجسم وهذا يتطلب على الأقل تمرين واحد لكل من المجموعات العضلية الآتية:
(الصدر- الظهر- الأكتاف ، العضلة ذات الثلاث رؤوس العضدية – العضلة ذات الرأسين العضدية – الجذع – العضلة ذات الأربعة رؤوس الفخذية – عضلات خلف الفخذ – عضلات أسفل الساق – عضلات الساعد.
وعلى الفرد ألا يقوم بتدريب العضلات المادة لرسغ اليد بدون أن يقوم بتدريب العضلات القابضة لمفصل رسغ اليد أيضا ، ولا يقوم بتدريب عضلة السمانة بدون تدريب لعضلات الساق ، حيث إن مبدأ التوازن العضلي هو مبدأ متمم وضروري لمبدأ خصوصية التدريب ، فهذا المبدأ يتضمن أن يقوم الفرد بتدريب العضلات التي يشملها نشاطه ، وبعبارة أخرى فلو أراد الفرد تحسين مقدرته في تمرين البنش (رقود عالي) فانه يجب أن يركز على تمرينات تقوية المجموعتان العضلية العاملة في التمرين ، ومع ذلك فمن الواضح إن التركيز على التدريب التخصصي يعتبر مسئول جزئياً عن الإصابات العديدة للعضلة والأنسجة الرابطة ، والوقت والجهد الإضافي ضروري لتدريب عضلات الفرد بصورة شاملة ومتوازنة تسهم بنصيب وافر في منع الإصابات والتنمية للعضلات.
تطبيق التوازن العضلي:
بغض النظر عن الأغراض الموضوعة للتدريب التخصصي الخاص بالفرد فيجب عند تصميم برنامج التدريب أن يحتوي على تمرينات شاملة لكل المجموعات العضلية الكبيرة بالجسم.
وتنمية مجموعات عضلية متناسقة يضع الأساس للوصول لتنمية القوة العضلية في المستقبل وتقليل مخاطر إصابة العضلات والأنسجة الرابطة ، واستبقاء التوازن بين المجموعات العضلية المتقابلة من الأشياء الهامة لمنع حدوث الإصابات ، وكما اشرنا سابقاً فالعامل الأكثر تأثيراً في حدوث الشد العضلي لعضلات خلف الفخذ مثلاً هو عدم وجود التوازن العضلي بين العضلة ذات الأربعة رؤوس الفخذية القوية نسبياً وعضلات خلف الفخذ الضعيفة ، لهذا فمن المهم أن نقوم بتدريب العضلات المقابلة للعضلات العاملة.
والعضلات المقابلة تتمم وتكمل العضلات المحركة وتقلل من احتمال الإصابة وتعزز من مقدرة الفرد على الأداء.
برجاء ذكر المصدر حتى تعم الفائدة :المكتبة الرياضية الشاملة : توازن القوة العضلية