Sport.Ta4a.Us المكتبة الرياضية > الألعاب الأوليمبية > اللجنة الأولمبية الدولية.. والمناورات السياسية اللجنة الأولمبية الدولية.. والمناورات السياسية
|
اللجنة الأولمبية الدولية.. والمناورات السياسية الأصل في الرياضة أنها تمارس من أجل الترويح والمتعة، ومن أجل رشاقة ومرونة الجسم، وأنها تمارس على أسس متكاملة من النزاهة والعدالة، وأن تكون ميادين الرياضة، بديلة عن ميادين الحرب، تسود فيها روح المنافسة الشريفة، وغرس الحب والسلام، وإيجاد التآلف والتراحم بين الشعوب. منذ عام 1500 ق. م، كانت الرياضة تمارس على أرض هيلاس، من أجل إدخال البهجة إلى نفوس الموتى، وبعد فترة من الزمن، توقفت المهرجانات الرياضية بسبب الحروب الكثيرة بين دويلات الإغريق. وفي عام 884 ق. م عام الهدنة المقدسة، أصبح للرياضة دور هام في توقف الحروب بين دويلات الإغريق، لمدة ثلاثة شهور كل أربعة أعوام على الأقل. وبعد سيطرة الرومان على اليونان، كان طبيعياً أن تتدهور الدورات الأولمبية. وتوقفت الدورات الأولمبية عام 393م، بأمر من الإمبراطور الروماني. واستؤنفت من جديد عام 1896م. ولو استعرضنا تاريخ الدورات الأولمبية الحديثة لوجدنا أن السياسة لها تأثير واضح على الدورات الأولمبية. ففي عام 1896م.. طلب ملك اليونان جورج الأول في حفل الختام من الحضور: أن تكون اليونان المقر الدائم للدورات الأولمبية الحديثة، وتصدى مؤسس الدورات الأولمبية الحديثة البارون الفرنسي كوبرتان، وأعلن تدويل الدورات الأولمبية الحديثة .وفي عام 1900م، لجأت الحكومة الفرنسية أثناء إقامة دورة باريس للألعاب الأولمبية، إلى إقامة معرض باريس الدولي، في توقيت الدورة نفسه، مما أدى إلى فشل الدورة. وفي عام 1904م، دورة سانت لويس في أمريكا، تدخل الرئيس الأمريكي في تغيير مكان إقامة الدورة من مدينة شيكاغو التي اختارتها اللجنة الأولمبية الدولية، لتقام في مدينة سانت لويس المنظمة لمعرض دولي في توقيت الدورة نفسه. وفي عام 1908م، دورة لندن في بريطانيا، لم ينكس العلم الأمريكي، أثناء مرور البعثة الأمريكية أمام مقصورة الشرف التي يوجد فيها ملك إنجلترا "إدوارد السابع"، واحتجاج بريطانيا على ذلك؛ وأدى ذلك إلى تحامل حكام الدورة، وكان أغلبهم من الإنجليز، على الرياضيين الأمريكيين. وعندما رجع المشاركون في الدورة إلى ديارهم سار الرياضيون في شوارع نيويورك، وهم يسحبون أسداً لفوه في علم بريطانيا، ونشبت أزمة عنيفة بين البلدين. وكذلك رفض الفريق الفنلندي استخدام علم روسيا القيصرية التي كانت تبسط نفوذها على فنلندا. وفي عام 1912م، دورة استوكهولم في السويد، طالبت بعثة فنلندا بالاستقلال عن روسيا القيصرية، وكذلك طلبت بوهيميا والمجر الاستقلال عن الإمبراطورية النمساوية. ومنع الأمريكيون البيض عداءهم الأسود "هوارد"، من الاشتراك في الدورة الأولمبية لإتاحة الفرصة لمواطن آخر أبيض ليحرز الميدالية الذهبية في سباق المائة متر، وكان العداء الأسود هو الأفضل. وفي عام 1920م، دورة أنفرس في بلجيكا، تجاهل منظمو الدورة دعوة ألمانيا وحلفائها؛ بسبب العداء السياسي. وفي عام 1924م، دورة باريس في فرنسا، تجاهل الفرنسيون دعوة ألمانيا للمشاركة في الدورة. وفي عام 1936م، دورة برلين في ألمانيا، أراد الزعيم الألماني النازي هتلر، استغلال الدورة الأولمبية لترويج النازية، وتصدي له رئيس اللجنة الأولمبية الدولية آنذاك، الكونت هنري دي باييه لاتور. وأرسل له رسالة يحذره فيها بنقل الدورة إلى مدينة أخرى في دولة أخرى. وقال أحد أعوان هتلر: "علينا رفع المستوى البدني لجنسنا، وإلا فشلنا في خلق ألمانيا العظمى. ورفض هتلر مصافحة الرياضي الأمريكي الأسود "جيسي أوينز" نجم الدورة. وفي عام 1948م، دورة لندن في بريطانيا، كانت هناك محاولة من الكيان الصهيوني للاشتراك في الدورة، ولكن اعتراض عضو اللجنة الأولمبية الدولية المصري محمد طاهر باشا آنذاك، أفسد المحاولة الصهيونية. وفي عام 1951م سعى الكيان الصهيوني للمرة الثانية، للاشتراك في الدورة الأولمبية، واقترح تشكيل لجنتين إحداهما من الكيان الصهيوني، والأخرى من الفلسطينيين، ورفضت اللجنة الأولمبية الدولية؛ لأنها ترفض التمييز على أساس العقيدة أو الجنس. وفي عام 1952م، دورة هلسنكي في فنلندا، كان بدايةالصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي حول مفهوم "الهواية"، وهي من أهم شروط الاشتراك في الدورات الأولمبية. يقول المعسكر الغربي: إن لاعبي الكتلة الشرقية ليسوا هواة، ولا يحق لهم الاشتراك في الدورات الأولمبية، والمعسكر الشرقي يرد عليهم بقوله: إن رياضيي الكتلة الغربية الهواة تدفع لهم مبالغ سرية، ويتمتعون بالمنح الدراسية. وفي العام نفسه سعت كل من ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية، للحصول على عضوية اللجنة الأولمبية الدولية، كل بلد منهما مستقلاً عن الآخر، فرفضت اللجنة قبول عضوية ألمانيا الشرقية، وقبول ألمانيا الغربية بعد تدخل بريطانيا. وفي عام 1952م، حصلت إسرائيل على الاعتراف بعضويتها في اللجنة الأولمبية الدولية، باعتبارها دولة اكتسبت الشرعية الدولية من قبل الأمم المتحدة، ورفضت اللجنة الأولمبية الدولية قبول فلسطين لعدم تمتعها بالاستقلال الذاتي، وعدم وجود لجنة أولمبية وطنية فلسطينية. وفي عام 1956م، دورة ملبورن في أستراليا، قاطعت مصر، والدول العربيةالألعاب الأولمبية في ملبورن في أستراليا، بسبب مساندة أستراليا للعدوان الثلاثي على مصر، بسبب تأميم قناة السويس. وانضمت إلى المقاطعة بعض الدول الأفريقية والأوروبية، احتجاجاً على اشتراك إنجلترا في العدوان الثلاثي على مصر. واشتركت ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية، بفريق واحد في الدورة، وتحت شعار واحد وعَلَمٍ واحد، واعتبر هذا الحدث انتصاراً للحركة الأولمبية عبّر عنه رئيس اللجنة الأولمبيةالدولية آنذاك أفري برانديج بقوله: " لقد استطاعت الرياضة أن تحقق ما فشل السياسيون في تحقيقه ". وفي عام 1964م. دورة طوكيو في اليابان، اشتركت ألمانيا بفريق موحّد، بعد رفض اللجنة الأولمبية الدولية، اشتراك كل منهما بفريق على حدة. وفي عام 1968م، دورة مكسيكو سيتي في المكسيك، استغل بطلين من أبطال أمريكا السود منصة الفوز لعرض قضايا السود السياسية، بتأثير من " حركة القوة السوداء"، وتم طردهما. وسحبت اللجنة الأولمبية الدولية اعترافها باللجنة الأولمبية الوطنية لجنوب أفريقيا، لتطبيقها سياسة التفرقة العنصرية. وفي عام 1972م.. دورة ميونخ في ألمانيا الغربية، فرضت القضية الفلسطينية نفسها على فعاليات الدورة الأولمبية، بعد اقتحام بعض الفدائيين الفلسطينيين من أعضاء منظمة أيلول الأسود مقر البعثة الإسرائيلية، ومقتل عدد من الفريق الإسرائيلي، واستشهاد عدد من الفدائيين الفلسطينيين. وفي عام 1976م، دورة مونتريال في كندا، قاطعت عدد من الدول العربية والأفريقية الدورة الأولمبية؛ احتجاجاً على اشتراك نيوزيلاندا، التي كانت تقيم علاقات رياضية مع جنوب أفريقيا. وفي عام 1980م، دورة موسكو عاصمة الاتحاد السوفيتي سابقاً، قاطعت أمريكا وحلفاؤها الدورة الأولمبية؛ احتجاجاً على غزو السوفيت لأفغانستان. وقال رئيس اللجنة الأولمبية الدولية اللورد كلانين للرئيس الأمريكي كارتر عندما أصَّر على المقاطعة : "ستقام الدورة حتى ولو كنت أنافس نفسي". وفي عام 1984م، دورة لوس أنجلوس في أمريكا، قاطع الاتحاد السوفيتي وحلفاؤه الدورة الأولمبية؛ رداً على مقاطعة أمريكا وحلفائها لدورة موسكو. وأيضاً بسبب انتهاج الرئيس الأمريكي ريجان سياسة متطرفة ضدالاتحاد السوفيتي. وفي عام 1988م، دورة سيئول في كوريا الجنوبية، حاول الكيان الصهيوني استثارة العرب عن طريق ظهور اسم " القدس" عاصمةً للكيان الصهيوني على شاشة الملعب الأولمبي. واحتجاج الاتحاد العربي، وكان يترأسه آنذاك سمو الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيزرحمه الله. وفي عام 2000 م، دورة سيدني 2000 في أستراليا، تلقت إسرائيل ضربتين من اللجنة الأولمبية الدولية الأولى، عندما رفضت اللجنة الأولمبية الدولية وقوف الرياضيين دقيقة حداداً على قتلى المنتخب الإسرائيلي خلال دورة ميونيخ الأولمبية عام 1972. والثانية عندما سمحت لفلسطين بالمشاركة في الدورة الأولمبية، ويعد ذلك اعترافاً ضمنياً من اللجنة الأولمبية الدولية بدولة فلسطين. وكذلك سار وفدا الكوريتين في طابور العرض تحت علم واحد يمثل شبه الجزيرة الكورية، وتقدمت الوفدين لوحة كتب عليها " كوريا"، وقد حاول الرئيس الأمريكي بيل كلينتون أن يجمعهماعلى طاولة المفاوضات ولم يستطع، ولكن رئيس اللجنة الأولمبية الدولية سامارانش استطاع إقناع قادة البلدين بتوحيد بعثتي البلدين في طابور العرض. وكذلك اختيارالعداءة " كاتي فريمان"، وهي من السكان الأصليين في أستراليا لإيقاد الشعلةالأولمبية، أدى إلى رأب الصدع بين السكان الأصليين وبين المهاجرين البيض. وفي عام 2001 م، عندما رشحت مدينة بكين الصينية لتنظيم الدورة الأولمبية (رقم 29)، والتي ستقام عام 2008 م إن شاء الله، اعتبر البعض اختيار بكين لاستضافة الدورة الأولمبية لعام 2008 م، رشوة رياضية؛ لكي تغض الطرف عن تايوان لمدة سبع سنوات على الأقل؛ وللسير في ركاب الغرب؛ ومن أجل تحسين حقوق الإنسان. و مما سبق ذكره يدل على أن السياسية أثَّرت على الدورات الأولمبية، وأن الدورات الأولمبية كان لها تأثير على السياسة، وعلى الرغم من تدخلات السياسة في الدورات الأولمبية وانتهاكاتها المتكررة لحرمات الرياضة الأولمبية ومبادئها السامية، إلا أنها لم تؤثر على مسيرة الدورات الأولمبية، وستظل الدورات الأولمبية واحة للسلام بين شعوب الأرض.
العودة إلى الصفحة السابقة - المكتبة الرياضية - www.sport.ta4a.us |