Sport.Ta4a.Us المكتبة الرياضية > المناهج وطرق التدريس > التربية البدنية في اسبرطة وأثينا


التربية البدنية في اسبرطة وأثينا


20 سبتمبر 2024. الكاتب : Tamer El-Dawoody

محاضرات تاريخ التربية البدنية

التربية البدنية في اسبرطة وأثينا

 

اخذ نفوذ مدينة اسبرطة يمتد إلى المناطق المجاورة لها و ذلك في بداية القرن الثامن قبل الميلاد حتى تمكنت من السيطرة على لاكونيا التي تشمل النصف الجنوبي في شبه الجزيرة البلقان و كان عدد الاسبرطيون الأصليون لا يتجاوز تسعة آلاف نسمة لذا كانوا يشكلون الطبقة العسكرية المسيطرة على الدولة و التي تسعى لتطبيق التقاليد الاجتماعية و السياسية الخاصة بهم و المتوارثة عن أجدادهم الهوميريين، لذا فان الهدف الأساسي من التربية هو (التربية البدنية العسكرية لغرض إعداد جيش قوي قادر على تحقيق أهدافهم الإغريقية) و تميزت اسبرطة بهذا الاتجاه التربوي بتأثير ثلاثة عوامل هي :-


1.   البيئة الجغرافية


2.   النظام الاجتماعي


3.   العلاقات السياسية


أطلق على القبائل من أصل دورياني بالاسبرطيين نسبة إلى قوة أجسامهم و قدراتهم على التحمل بسبب طبيعة البيئة التي تطلبت الكفاح المستمر و بذلك أصبحوا يمثلون الطبقة الأولى في هذا المجتمع الجديد و تليهم الطبقة المتوسطة و هم أتباعهم و الطبقة الثالثة و هي طبقة العبيد سكان تلك المنطقة الأصليين.


شمل التدريب العسكري الرجال و النساء إذ كانت النساء مطالبات بالحصول على لياقة بدنية مناسبة لاعتقادهم بان ذلك يحقق ثلاثة أغراض هي :-


1.   اعتقادهم بان الأم التي تمتلك صحة جيدة و جسم قوي تلد ابناءا اصحاءا و اقوياءا.


2.   مساهمة المرأة بالدفاع عن الوطن عند الحاجة إلى جانب الرجل.


3.   قيام الأم بالإشراف على تدريب أولادها منذ السنة الأولى و لغاية بلوغ الولد السادسة من عمره و البنت السابعة من عمرها.


 

 

1- التدريب البدني في اسبرطة وفق البرامج التدريبية المعدة من قبل الدولة :


كان التدريب البدني يتم وفق مفهوم اكتساب الإنسان مهارات و صفات بدنية تحقق مستوى عالي في مجال الخدمة العسكرية و كالأتي:-


1.    يبدأ التدريب البدني للنساء منذ السابعة من العمر و حتى بلوغهن سن العشرين و هو السن الذي يسمح لهن بالزواج و بعدها تتخلى عن ممارسة التدريب البدني.


2.    يتماشى البرنامج التدريبي الخاص بالمرأة التي تضعه الدولة مع البرامج التي يتلقاها الرجل.


3.    مارست المرأة الاسبرطية الركض و المصارعة و رمي الحلق و السهام حتى تصبح نشيطة، فضلا عن السباحة و الرقص في المناسبات الدينية الوطنية.


4.    فرضت التربية الإغريقية إجراء الكشف على الأطفال عند ولادتهم من قبل أشخاص مخولين من قبل الدولة للتأكد من صحتهم و اكتمال خلقهم و عدم وجود نقص أو ضعف فيهم.


5.    في حالة عدم اكتمال خلقة الطفل و وجود نقص و ضعف فيه يؤخذ من والديه و يترك على قمة جبل (تابجينوس) ليموت لان المجتمع لا يقبل إلا الأشخاص الأقوياء و الأصحاء القادرين على الدفاع عن اسبرطة و تحقيق أهدافها.


6.    تحملت الأم مسؤولية التربية منذ ولادة الطفل حتى دخوله المدرسة و كان الأولاد يعتبرون مجندين إلى الدولة منذ اليوم الأول لدخولهم المدرسة و يستمرون في الخدمة العسكرية حتى بلوغهم الخمسين من عمرهم.


7.    تمر تربية الشباب بعدة مراحل تعليمية و تدريبية إذ تبدأ بالتدريب على المناورات العسكرية و استخدام الأسلحة و القيام بعمليات الاستكشاف و ذلك عند بلوغ الطفل الثامنة عشر من عمره.


8.    يبدأ الشاب بالمشاركة بالمناورات العسكرية الكبرى و المعارك الفعلية بعد بلوغه العشرين من عمره و يلزم بأداء تمارين رياضية معينة فضلا عن التدريب العسكري و بدون انقطاع.


9.    عند بلوغ الشاب الثلاثين من عمره يمنح كافة الحقوق باعتباره قد اجتاز مرحلة الإعداد و الاختبار و أصبح مواطنا يمكن الاعتماد عليه و يستمر في الخدمة العسكرية.


10.                  يعمل في تدريب الناشئين حتى بلوغه سن الخمسين.


11.                  شمل البرنامج التدريبي على رياضات الركض و فنون القتال و الوثب العريض و السباحة و المصارعة و الملاكمة و ركوب الخيل و رمي القرص و الرمح و البانكيتيريوم (ملاكمة و مصارعة) و العاب الكرة.


12.                  كان البرنامج التدريبي متدرجا يأخذ بنظر الاعتبار التطور البايلوجي من حيث العمر و الجنس، إذ كانت التمارين تعطى من السهل إلى الصعب كالركض و الوثب ثم تتسلسل بالقوة و الشدة مع تقديم مراحل العمر إذ تصبح أكثر صعوبة كرمي الرمح و الملاكمة.


13.                  كانت التربية محدودة الأفق تنحصر في تحقيق هدف واحد هو خدمة الجانب العسكري على حساب التربية الروحية.


14.                  تجري الدولة اختبارات سنوية للتأكد من قابليات شبابها البدنية و روحهم المعنوية لمعرفة مدى شجاعة و قدرة الشباب على تحمل الألم فضلا عن تمكنهم في المهارات العسكرية.


2- التربية الأثينية و التربية البدنية


أ- التربية البدنية في العصر الأثيني الأول:


في بداية تاريخ أثينا كانت حضارتها و حضارة مدينة اسبرطة تستمد جذورها من أسس حضارية واحدة و خاصة في القرون الأولى و لكن بعد ذلك أخذت كل من أثينا و اسبرطة تسعى في تكوين مجتمع له ميزاته الخاصة و متأثرا بنظرة كل منهما إلى النواحي التربوية للأثيني القديم ديمقراطيا و أكثر تقدما من المجتمع الاسبرطي، و على الرغم من ذلك فقد كانت أغلبية السكان في أثينا من طبقة العبيد التي تحملت كافة الأعمال، و بذلك توفر للاثنين مزيدا من أوقات الفراغ التي استغلت بشكل جعل المواطن الأثيني يحسن استثماره للوقت في خدمة الدولة من خلال مزاولة التدريب البدني و العمل على رفع المستوى الثقافي و الفكري لمجتمعه.


 

 

 

هنالك مميزات تميز بها المجتمع الأثيني الأول و هي كما يأتي :-


1.   كان الهدف من التربية الجديدة إيجاد المواطن المتكامل و المتوازن في النواحي البدنية و العقلية و المعنوية و الجمالية.


2.   توضع برنامج و تطبق خلال مراحل نمو الفرد، تبدأ المرحلة الأولى منها منذ الولادة حتى السادسة أو السابعة، و تكون الأم أو المرضعة هي المسئولة عليه.


3.     تبدأ مرحلة التعلم (المرحلة الثانية) في المدرسة الرياضية (البالسترا) و التي تطبق فيها برامج التربية البدنية إذ كان الشباب يمارسون العاب رياضية كالوثب العريض و المصارعة و تصاحب التمرينات أحيانا العزف على الفلاوت، فضلا عن وجود شخص يقوم و يوضح كيفية أداء التمرينات و يصحح الأخطاء كما خصص لكل مرحلة من المراحل مكان خاص لمزاولة التدريب.


4.   عندما يبلغ الشاب الرابعة عشر أو السادسة عشر من عمره يترك البالسترا و يلتحق ب( الجمنازيوم) و يبدأ بتطبيق منهج تدريبي جديد يتركز على الركض لمسافات مختلفة القصيرة منها و المتوسطة و الطويلة فضلا عن ما تعلمه سابقا في البالسترا من التمرينات و الألعاب.


5.   ظهور مدرسة (الديداسيكليوم) و هي مدرسة الموسيقى و التي تطبق فيها برامج في الأدب و الموسيقى و شيئا من البرامج الرياضية.


6.   كانت المثل العليا عند الاثينين في العصر الأول في مقدمة الدوافع التي شجعت الفرد على تنمية قدراته العقلية و البدنية لخلق شخصيته المثالية المتكاملة المتوازنة دون المبالغة في الاهتمام بناحية على حساب أخرى و القادرة على خدمة أثينا بكل كفاءة و مقدرة في زمن السلم و الحرب.


7.   كانت تربية الطفل في المجتمع الأثيني الأول اقل تأثرا بالتوجيه و التنظيم عن المجتمع الاسبرطي، إذ إن الدولة لا تشرف على إعداده أو تقرير مصيره و بقائه أم لا لأنها لم تنشئ بيئة خاصة كما في اسبرطة لتقرر ذلك بعد الكشف عليه عند ولادته مباشرة لذا ترك للأب مسؤولية الإبقاء عليه أو عدمه.


 

 

 

 

 

ب- التربية البدنية في العصر الأثيني الثاني


طرأ بعض التغيير في هذا العصر على مفاهيم التربية، إذ كان الفرد يركز على تنمية قدراته و قابلياته لتحقيق التقدم الذاتي لإعداده كرجل حكيم و عدم تطوير النواحي التي تساعد في إعداده كرجل عامل و بالتالي التركيز على البرامج التربوية العلمية و ترك برامج الإعداد البدني.


إن نمو الاتجاه الفلسفي قد اضعف ارتباط الأثيني بأهداف الدولة و تشجيعه على العمل لإشباع رغباته و اختيار أهدافه الشخصية و نمط سلوكه في الحياة، و هكذا ساد مبدأ إرضاء الفرد على التربية في العصر الأثيني الثاني، لذا قلت عناية الشباب بالإعداد البدني و انتشر مبدأ الاحتراف الرياضي و اقتصر التمرين البدني على المتخصصين بحكم وظائفهم، و بذلك تكونت في المجتمع الأثيني طبقة من مدربي الرياضة و ذوي الخبرة و الكفاءة و المقدرة على التدريب و لديهم اطلاع و معرفة بعلم التشريح و وظائف الأعضاء و علم التغذية و علاقتها باللياقة البدنية.


ظهر العديد من الفلاسفة في هذا العصر كما يأتي:-


1- أفلاطون:


نادى بضرورة ممارسة المرأة للتدريب البدني أسوة بالرجل إلا انه وضع الموسيقى في منزلة أفضل من الرياضة و هذا لا يعني انه كان ضد القوة البدنية و الصحة بل على العكس كان ينادي بضرورة إدخال الطفل بعد الثالثة من عمره إلى دار الحضانة ليلعب تحت إشراف مسئولة عن ساحة اللعب، و عندما يبلغ السادسة و لغاية السادسة عشرة من عمره يدخل مدرسة حكومية إذ يقضي الخمس سنوات الأولى في التربية العسكرية و التدريب على أيدي أخصائيين في رمي الرمح و السهام و ركوب الخيل، و في سن العاشرة يتعلم الآداب و العزف على الفلاوت، إن هذه الآراء تدعو إلى ضرورة وجود موازنة بين التربية البدنية و التربية العقلية كما كان ضد مبدأ الاحتراف الرياضي.


2- زينوفون:


تأثر بالتربية الاسبرطية و مجد التربية العسكرية و اقترح برنامجا تدريبيا مقسما إلى أربع مراحل هي:-


1- مرحلة الفتيان


2- مرحلة الشباب


3- مرحلة الرجولة


4- مرحلة الشيخوخة


على أن تتبنى الدولة مسؤولية التعليم و تدريب الشباب على أيدي مدربين.


 

3- أرسطو:


يرى أن الإنسان يمر بحياته بأطوار ثلاثة و هي:-


1- طور النشأة البدنية و هو الطور الأول من الطفولة.


2- طور النفس النزوعية أي نشأة الحاسية و الغريزة.


3- طور نشأة القوى الناطقة أو الطور العقلي.


كان أرسطو يعتقد إن الصحة العقلية تعتمد على الصحة البدنية كما إن المثل الأخلاقية للشباب يمكن تنميتها عن طريق التربية البدنية لذا اقترح ضرورة تدريب الطفل لغاية بلوغه الرابعة عشر من عمره، إذ يتم تعليمه النواحي العلمية و لمدة ثلاث سنوات و عند بلوغه السابعة من عمره يوضع له برنامج تدريب عنيف و لغاية العشرين و كان ينادي بضرورة مزاولة التدريب البدني طيلة حياة الإنسان.


و أخيرا لا بد من القول إن الآراء التربوية التي نادى بها الفلاسفة (أفلاطون و زينوفون و أرسطو) كان يتقبلها أقلية ضئيلة من المجتمع الأثيني لان معظم الشعب الإغريقي في ذلك الوقت كان محروما من التعليم لان أكثريتهم من طبقة العبيد التي لا نصيب لها من التربية و الحرية.


العودة إلى الصفحة السابقة - المكتبة الرياضية -  www.sport.ta4a.us