Sport.Ta4a.Us المكتبة الرياضية > علم النفس الرياضى > التدريب العقلي في المجال الرياضي وفوائده


التدريب العقلي في المجال الرياضي وفوائده


13 مارس 2018. الكاتب : Tamer El-Dawoody

التدريب العقلي في المجال الرياضي وفوائده

الأستاذ الدكتور محمود داود سلمان الربيعي – العراق - بابل – كلية المستقبل الجامعة – قسم التربية البدنية وعلوم الرياضة

    كثر الحديث في الاوساط المحترفة منذ بعض السنوات عن ما يعرف بالتدريب العقلي او التحضير الذهني في بعض انواع الرياضات وكانت رياضة التزلج وكرة المضرب اول من عمل على تحضير الرياضيين عقلياً وذهنياً اما اليوم وبعد ثبوت اهمية التحضير الذهني فان معظم البرامج التدريبية في العالم اضحت تخصص كماً كبيراً من الوقت في سبيل اعداد ما يعرف باللاعب الناضج .

   في الواقع فإن العام 1960 كان فاتحة التداول بنظريات وإستراتيجيات تناولت هذا الشق من حياة الرياضيين المحترفين اذ ان تطور الرياضة المستمر وإشتداد المنافسة اظهر حاجة ماسة الى تحصين اللاعبين ذهنياً ومعنوياً واثبت تأثيره وانعكاسه المباشر على النتائج.
 
   لكن متى نقول بان هذا الرياضي قوي عقلياً ويتمتع بالنضوج الذهني ؟ بكل بساطة فإن كل رياضي قادر على توظيف كامل قدراته البدنية والفنية والتكتيكية بأعلى نسبة ممكنة من قدراته دون فقدان التحكم (وصولاً الى 100% ) في المسابقات التي يشارك فيها ، مهما كانت الظروف والعوامل الخارجية المؤثرة مباشرة أوغير مباشرة في الحدث.
   ويكمن سر التدريب العقلي في السماح للرياضي بالوصول الى استخلاص جميع قدراته ومعرفة الطريقة الامثل لتوظيفها وبالتالي الارتقاء بأدائه الى ابعد حد ممكن ذلك ان الأداء العالي يرتبط بصورة وثيقة بالقدرة على السيطرة والتحكم والتركيز في اصعب الظروف وفي هذا الاطار هناك الكثير من الامور والجوانب التي ينبغي الاحاطة بها .
   من هنا التميز بين امرين هما:
1-      الدعم النفسي والسيكولوجي والتدريب العقلي الذي يأخذ بعين الاعتبار التوازنات النفسية والعاطفية للفرد المرتبطة بحياته ومشاكله الخاصة ( كالعائلة والمرض والموت والعصبية والامور الوراثية التي نسجت جيناته ) وما الى هنالك من مشاكل يومية تصادف الانسان والتي  تؤثر  بطريقة غير مباشرة على ادائه كون هذا الفرد هو رياضي محترف .
2-      التدريب العقلي الذي يتناول بشكل عام التحفيز الذاتي والثقة بالنفس والتركيز والقدرة على التحدي اضافة الى كيفية السيطرة على الضغط النفسي الذي له تأثير مباشر على الأداء .
   ويتجلى الدعم النفسي للرياضيين في اطار البحث عن المشاكل النفسية التي تكون عادة من اختصاص علماء النفس والمحللين السيكولوجيين والتي في غالب الاحيان تتناول ماضي الرياضي حيث مصدر الخلل النفسي الذي يعاني منه.
    اما التدريب العقلي او الذهني فهو يهدف الى تطوير وتحسين القدرات العقلية الضرورية التي تؤثر في سير المنافسات والمباريات ويمكن للمدرب المحترف القيام بهذا الدور او للمدربين المتخصصين في التدريب العقلي.
    وتستهدف تقنيات التدريب العقلي المستقبل وليس الماضي كالتحضير مع اللاعب كيفية التصرف وطريقة التفكير قبل انطلاق المباراة اذ انه وفي علم التدريب العقلي تلعب المباراة قبل انطلاقها حيث يكون الفوز الحقيقي الذي يترجم فيما بعد الى واقع ملموس تتكلم فيه الاوقات والارقام .
   وتأكيداً على هذا الكلام فإننا نسمع الكثير من الرياضيين يقولون قبل انطلاق المباريات " لايمكننا تغيير النتيجة لايمكننا الفوز عليهم خارج ارضنا لايمكننا الفوز على هذا الفريق صاحب الامجاد ليس لدينا نفس الا مكانيات لم نتحضر جيداً لهذا اللقاء وبمقارنة اخرى لهذه الكلمات فان هؤلاء الرياضيين قد هزموا انفسهم بأنفسهم قبل انطلاق المباراة .
   وصحيح ان التدريب العقلي له خصوصيته لكن لايمكن فصله عن التدريب البدني والفني والتكنيكي ففي المحصلة العامة فان احدهم يكمل الآخر واكبر دليل على ذلك هو ان التدريب البدني الجيد يولد الثقة بالنفس بينما السيء يخلق الشك ويؤدي الى فقدان الثقة .
   واذا كان بعض التدريبات العقلية والذهنية تقام في الملعب كرفع التحفيز الذاتي والتركيز على الحركات والكرات وتعلم مجاراة الخصم ومواجهته بثبات فان غالبية التدريبات الذهنية تكون خارج الملعب وتتطلب في الفترة الاولى اشخاصاً متخصصون الى ان يصبح الرياضي قادراً على القيام بها على حداً وبشكل اوتوماتيكي .
   ومن ابرز هذه التقنيات : التنفس الموجه, الاسترخاء التدريجي الخاص ب0( جاكوبسون ) التدريب الاوتوماتيكي الذاتي الخاص ب (شولت) اليوغا الاسترخاء الديناميكي التأمل العقلي البرمجة العصبية اللغوية .
   ولا بد لنا نشدد ونركز على اهمية دور الاهل والاصدقاء في عملية الهام كل رياضي فالدعم المعنوي والتشجيع اليومي له يصبح جزء من اللاوعي وينطبع فيه ويؤثر على ادائه في ارض الملعب بطريقة غير مباشرة كما ان ترداد بعض العبارات المحفزة اضافة الى الشعور بالاعتزاز والفخر يشكل اساسا وأرضية مهمة للتدريب العقلي .
   ومهم الاشارة الى ان النضوج الذهني لايعني بالضرورة بلوغ القدرة القصوى للرياضي في توظيف جهازه العضلي العصبي بالدقة المطلوبة اثناء مباراة ما بل يعني ان يصل الرياضي الى القدرة القصوى من التحكم فهناك لحظات في المباريات تمر على الرياضي لايظهر فيها كل ما لديه بل عليه تحقيق افضل نتيجة باقل مجهود ممكن ذلك انه قد يتوجب عليه اللعب لوقت طويل او مباشرة في اليوم التالي وتكون الحكمة والنضوج الذهني هنا في كبح حماسه واندفاعه وان لايقع في فخ حرارة تصفيق الجماهير له ومعرفته ان المباراة تبث تلفزيونياً حول العالم فالفوز احياناً لايعني ابهار العالم وتقديم لوحات فنية وجمل تكتيكية بل يعني تقديم ما هو مطلوب للفوز حتى لو تطلب ذلك قتل المباراة وخفض الايقاع وما شابه ذلك .


ومن اهم فوائد وحسنات التدريب العقلي والذهني :
1-      التركيز الحاد وعزل الذات عن الخارج .
2-      قراءة المواقف والعوامل التي تؤدي الى الاصابات وبالتالي تجنبها مما ينعكس ايجاباً على حياة الرياضي في المدى البعيد.
3-      الوصول الى قمة الأداء .
4-      زيادة الثقة بالنفس .
5-      القدرة على استعمال نقاط القوة وحجب نقاط الضعف عن الخصم ,
6-      -القراءة الفنية والتكتيكية لنقاط القوة والضعف عند الخصم وأقلمة اسلوب اللعب مع ظرفية كل مباراة
7-      وضوح الاهداف والمهمة ,
8-      السيطرة والتحكم بالجوانب العاطفية
9-       - المزيد من الانتصارات والألقاب
   ومهما تعددت انواع التدريب العقلي والذهني . الدعم النفسي والسيكولوجي ( اطباء نفس) التدريب البدني الذي يحاكي العقل ( المدربين المتخصصين) التدريب العقلي والذهني خارج الملعب . التواصل والتخاطب الايجابي(0الطاقم التدريبي والاهل) يجب ان يظل الرياضي محور كل هذا الاهتمام والاهم ان لاننسى بأن هذا الرياضي هو انسان وليس حقلا لتطبيق النظريات العلمية .
   والجدير ذكره هو انه عندما نتكلم عن الثقة بالنفس فبالتأكيد لانعني الغرور والمكابرة بل الوثوق بالقدرات التي نملكها للتغلب على الخوف الذي يعتري كل عاقل عند الامتحان او المواجهة.
   وعلى عكس النظريات التدريبية القديمة التي يعتمد فيها المدرب على لعب دور الملقن حيث تكون عملية التعليم والتعلم متمحورة حول المدرب وليس الرياضي ,فإن للإصغاء دورا اساسيا فالرياضي كما ذكرنا انسان له حاجات نفسية وجسدية وهو اخبر من أي واقرب مدرب له, كونه الوحيد الذي يعرف ويحس ويتفاعل مع مايجري في باطن نفسه الصامت.
   فأحيانا يكون لدى الرياضي اقتراحات مفيدة تتماشى مع اسلوبه اذ ان تطبيق النظريات والتقنيات حتى ولو كانت عملية بشكل اعمى دون مراعاة الفوارق الفردية الخاصة بكل فرد يكون لها انعكاسات سلبية وتؤدي الى تراجع مستوى الرياضي وفي بعض الاحيان الى الاحباط وصولا الى هجر الرياضة.
   ومخطأ من اعتقد بان العلم لاروح له فالحقيقة هي ان العلم هو فن تعلم الاصغاء وملامسة وجدان كل ماخلقه الله سبحانه وتعالى.
   وللمدرب مهمة تتمثل بالأعداد البدني والفني والتكتيكي للرياضي لكن رسالته الاسمى تتجلى في نجاحه بملامسة الانسانية واذا كان من المسموح تجزئة الفقرات والمراحل التدريبية فانه وفي النهائية لايجوز إلا النظر نحو الرياضي على انه انسان كامل متكامل وكتلة واحدة تتفاعل مع محيطها والعالم .
    فالمدرب الناجح هو الانسان الذي يتيح لإنسان اخر اكتشاف قدراته الدفينة واستخراجها الى العلن ، قدرات لم يكن ليحلم او ليتصور يوماً انها قريبة منه لهذه الدرجة لابل انها بداخله تصرخ في سبيل ان يسمعها احد فيفتح لها الباب لتطير وتحلق وتتوج على منصات الشرف تماماً كالطفل الذي يكتشف قدرته على الوقوف والسير او كالتلميذ الذي يحمل القلم ليكتشف ان بإمكانه الكتابة .
   فالرياضة اسلوب حياة قائم على احترام الغير والابتعاد عن المغالات والغرور هي مدرسة القوة هو بالتأكيد فارغ ولايعرف شيء ومن أساء تقدير خصمه خسر نفسه والمعركة قبل ان تهزمه الحياة فالمعرفة هي ان نعرف باننا لانعرف وصح قول المتنبي الشهير ملئ السنابل تنحني بتواضع والفارغات رؤوسهن شوامخ.
Dr.mahmoudsalman@yahoo.com
mahmoudalrubeay@gmail.com


العودة إلى الصفحة السابقة - المكتبة الرياضية -  www.sport.ta4a.us