العولمة والحركة الرياضية محمود داود الربيعي- كلية المستقبل الجامعة – قسم التربية البدنية وعلوم الرياضة – بابل – العراق ان العولمة Globalization والتي تعني الفضاء العالمي هدفها تذويب الهوية الحضارية والثقافية للأمم في بنية انسانية اشمل تعتمد على اقصاء وقمع الخصوصي كمحتوى عالمي ارتقائي الى احتواء العالم في مشروع اختراق الآخر وسلبه وتحويله الى وعي زائف لإحداث اختلال في معادلة التوازن وصولاً الى تقنين وتمييع اكثر شمولاً قائم على احداث صدمه من خلال جمله تغيرات تقوم على الاصطفاء بالمعنى الدارويني وفقاً لنظريته في انتقاء الانواع والبقاء للأصلح . وهذا يعني ان الدول والامم والشعوب التي لاتقدر على المنافسة سيكون مصيرها الانقراض في اشارة الى ان العالم سيكون ضمن منظور انتقائي تفترضه ايدلوجيا العولمة، وذلك بإحداث انقلاب بالنظم الفكرية للإنسان وشلها للسيطرة على سير حركته وتحولاته والهدف من ذلك الغاء الصراع الاجتماعي وإفراغه من محتواه ، فالاستلاب الحاصل من هذا يؤدي الى سكون المجتمعات وسلبا للإدراك ، وتزييف لوعي الانسان بدعوى العلم في التعامل الاخلاقي والانساني وحتى المقدس منها لتكون بديلاً عن كل ما هو روحي وسماوي . وتدعو العولمة الى كسر الحواجز بين الدول المختلفة وذلك بالانفتاح وتوسيع التبادل والحوار في المجالات كافة ومنها المجالات الرياضية التي سبقت المجالات الاخرى نتيجة الاتصالات وتبادل الخبرات والزيارات والمنافسات الرياضية وعلى مختلف الاصعدة لهذا نجد ان اللجنة الاولمبية الدولية كأعلى مؤسسة رياضية عالمية تعمل على توسيع مشاركة الدول كافة بالدورات الاولمبية التي تقام كل اربع سنوات وقد بدأت العولمة في مجال الرياضي منذ اول دورة اولمبية في عام 1896 م باليونان حيث شاركت (13 ) دولة في (9) العاب وبمشاركة 230 لاعب فقط بينما نجد انها استمرت بالتطور حتى وصلت عدد الدول المشاركة على اكثر من (200) دولة في دورة الالعاب الاولمبية المقامة في ريودوجانيرو عام(2016) م وبمشاركة اكثر من (13000) رياضي ورياضية يتنافسون في اكثر من (300) مسابقة، وقد شاهدها ما يقارب اربعة مليار انسان ، وهذا هو الانجاز الأهم في مجال الرياضة العالمية والتي توضح بأن العولمة في المجالات الرياضية هي الافضل من المجالات الاخرى في تطورها وسرعة انتشارها ومنذ ما يزيد على المائة عام . لقد منحت الالعاب الاولمبية فضاء جميلاً للرياضيين وانتشاراً روحياً متناسقاً يتفق والقيم العليا للرياضة وأبقت فضاءاتها مفتوحه بإتجاه التقدم نحو تحقيق الانجازات والانطلاق وإستشراق افاق مستقبلية بجعل الكره الارضية شكلاً قابل للامساك وشعوبها ذات بعد انساني يعيشون قيمهم واحلامهم في تحقيق تطلعاتهم بالمساهمة بالألعاب الرياضية بعيداً عن المشاريع الربحية التي غزت العابنا بالوقت الحاضر واصبح الجميع عاجزين امام التحدي المادي الذي بدء بتدمير القيم الرياضية ، واضاع على الحركة الاولمبية تاريخها العريق . وبالرغم من ان العولمة نستطيع من خلالها الحصول على المعلومات وبأرخص الاثمان ، وعلى التكنولوجيا الحديثة بأسعار مغرية ولا يمكن منعها عن الناس وانسيابية الاموال بين الدول والشركات وغيرها ، الا اننا نجدها في مجال الرياضة وخاصة بالدورات الاولمبية قد تحولت الى تجارة وإحتراف ومكاسب مادية بعد ان كانت تعتمد الهواية والوطنية وهذا كله انسحب على الرياضة في العراق نتيجة للظروف غير الطبيعية التي مرت بالبلد ، لهذا لابد ان نضع ايدينا على الحالات التي تحاول المساس بوطنية لاعبينا ومدربينا وتحولهم الى محترفين يبيعون انفسهم لقاء حفنة من الدولارات وبأرخص الاثمان نتيجة للعوز وعدم دعمهم مادياً ليبقوا في وطنهم . وحتى يمكننا مواجهة العولمة الرياضية التي اغرت الكثير من لاعبينا ومدربينا ولأجل الحفاظ على مستواهم الرفيع في الفن والأداء الرياضي حتى لايعودوا الينا من الخارج وهم يحملون افكاراً تتنافى مع الاهداف الرياضية السامية التي عمل الجميع من اجل ترسيخها لدى جميع الرياضيين سابقاً ولاحقاً وعدم تسريب التجارة والاحتراف والمكاسب المادية واحتكارها لأنشطتهم وجب علينا ان ننطلق الى عولمة رياضية ناجحة تحميهم في الامور المستوردة التي باتت تشكل عبئاً ثقيلاً على الجميع وبمختلف المستويات الرياضية
العقود والانتقالات للاعبين والمدربين : لقد لجأت معظم الدول والاندية وخاصة الغنية مادياً بالبحث عن الابطال الرياضيين والمدربين القادرين على تحقيق انجازات رياضية ومنحهم امتيازات ماديه لاتستطيع ان تقدمها لهم دولهم او انديتهم ، اضافة الى منحهم جنسيات جديدة ليس حباً في وطنهم الجديد ولكن حباً للمال او الشهرة و من اجل لقمة العيش وحب الحياة الذي لايجدوه في اوطانهم الاصلية . وهذا يولد لدى معظمهم شعور بخيانة وطنهم الاصلي عند تحقيقهم أي انجاز رياضي ورفع علم وطن جديد لاينتمون اليه من الجذور ينال هذا الانجاز مقابل ما حصل عليه من مكاسب مادية . ان بيع وشراء وإستبدال وتناوب الابطال هو بمثال عودة للرق في المجال الرياضي حيث نجد ان معظم الابطال والرياضيين البارزين هم من افريقيا التي تعيش معظم دولها خط الفقر ، لهذا نجد معظم اللاعبين ينتقلون الى الدول او الاندية الغنية التي توفر لهم العيش افضل من اوطانهم مما يحول دون تفكير معظمهم بالعودة مرة اخرى الى اوطانهم ومن ثم يتم تأهيلهم ليكونوا نواة للأبطال المتميزين ويتم بيعهم للأندية التي تدفع اكثر عندما يصبحوا مؤهلين في وقت لم يسددوا لعائلاتهم او لهم نسبة قليلة من هذه العقود . وهذه الاندية لاتسمح للاعب ان يمارس اللعبة في نادي اخر الا بموافقتها بعد ان يحصل لقاء انتقاله مبالغ طائلة تزيد كثيراً عما يتلقاه الرياضي نفسة . وكأن الرياضي اصبح عبداً يباع ويشترى . ان هذه الظاهرة الخطرة على لاعبينا ومدربينا بدأت تتغلغل في نفوس الكثير منهم مما حدى بالبعض منهم الى الموافقة على عقود رخيصة والانتقال الى دول اخرى للعمل فيها قد لاتصلح لنموهم وانتماءهم الرياضي الذي عاشوه ، لهذا نجدهم يحلمون بالعودة الى وطنهم الأم ، وولدت لديهم كره المسؤولين الذين حرموهم من اهلهم ووطنهم نتيجة شعورهم بالضياع لسنوات طويلة حرموا خلالها من كل ما هو متعلق بوطنهم . وكل هذا يحدث تحت ظلال العولمة الرياضية ، فالاحتراف وتوغل التجارة والمكاسب المادية الى الرياضة على حساب اهدافها هو من نتائجها المؤثرة على مستقبل الحركة الاولمبية في القرن الحالي وانحرافها عن اهدافها المتمثلة بالمشاركة وليس الفوز ، بل اصبحت المكاسب المادية والعمل على الفوز وتحقيق الانتصارات من اجل زيادة العائد المادي من المباريات . ووجود الاحتراف بهذا الشكل يقضي على الفكر الرياضي الذي يحترم ويقدر الهواية . المراهنات والتلاعب بالنتائج: ان أساليب المراهنات على نتائج المباريات والتلاعب بها هي من اجل خسارة المشاهدين لأموالهم وفوز المراهنات بالمكسب الكبير ، لهذا لابد من كشف ومتابعة ومحاسبة هؤلاء الذين باتوا يتحكمون ويتلاعبون في نتائج بعض المباريات او البطولات والمسابقات وفق اساليب رخيصة من اجل الحصول على الاموال من الرياضة بالمراهنات الوهمية حتى لو كانت على حساب المبادىء والاخلاق واللعب النظيف . وقد وصلت الامور بالبعض من تقديم الرشاوي للمسؤولين عن الاتحادات الرياضية لتعيين اطقم حكام يمكن ان يساهموا في تحقيق الفوز لمقدم الرشوى . وأصبحت سرقة البطولات والمراكز المتقدمة شيئاً سهلاً ويسيراً بشراء الحكام سواء بالهدايا او الأموال مقابل ادارة المباريات لصالح احدى الفرق التي تقدم اكثر مالاً على حساب الجودة والافضلية ومنح التفوق والانتصار لمن لا يستحقه . ولهذا فأننا نجد ان اخطر الامور على الرياضة هي الرشوة التي من السهل ان يقبلها الاداري او المسؤول في أي اتحاد رياضي . ان مثل هذه الامور نشاهدها في ملاعبنا حالياً وخاصة في مباريات كرة القدم حيث نلاحظ مجموعات عديدة داخل المدرجات تراهن بمبالغ كبيرة مقابل احتمالات كثيرة على اللعبة ونتائجها والهدافين وعدد الاهداف وغيرها . وهذا لايمكن ان يتم بمعزل عن اللاعبين او المدربين او الحكام ، لهذا نجد ان مثل هذه الظواهر قد تؤدي الى مشاكل كثيرة تواجه الرياضة العراقية او العربية اذا لم نجد سبيلاً لمواجهتها والقضاء على جذورها قبل ان تستفحل لتصبح وباء عاماً وذلك من خلال دراسة واقع الحكام واحتياجاتهم والتعرف على الاساليب التي يمكن من خلالها الوصول اليهم . اضافة الى متابعة الاداريين واللاعبين والمدربين لآ لايقعوا بمثل هذه الامور .
الشغب في الملاعب: ان ظهور حالة الشغب في الملاعب الرياضية ارتبطت معظمها بحالات خارجة عن الروح الرياضية التي يتمتع بها جمهورنا والمعروف بخلقه والتزامه بمبدأ الحياد اثناء المباريات وحتى ان كان متعصباً لفريقه ، الا ان بعض الظروف التي كان اكثرها مرتبط بالمراهنات او التعصب للمحافظة او الفريق اظهر لنا حالات شغب خارجه عن السلوك العام قام بها بعض الافراد وتحت ظروف معينة بالتصرف بسلوكيات انفعالية صدرت منهم لغرض التعبير عن رفضهم لحالات التحكيم السيئة والتي اثرت بشكل مباشر على نتائج المباريات . ان حدوث اعمال شغب وعنف واسعة النطاق في الملاعب العالمية والتي يشاهدها جمهورنا انعكست سلباً على تصرف البعض منهم نتيجة التقليد الاعمى لما يشاهدوه وخاصة عند الشباب الذين يسعون لإثبات وجودهم من خلال تصرفات تجلب انتباه الاخرين لهم . ان انتقال مثل هذه الحالات لجمهورنا الرياضي نتيجة انتشار العولمة الرياضية الاعلامية من خلال تكنولوجيا الاتصالات المتعددة التي يستطيع كل واحد الحصول عليها بأسعار مغرية ولا يمكن منعها عن الناس ، سوف تؤدي الى احداث شغب خطرة مثلما حدث في إنكلترا وجمهورها المتعصب الذي منع مشاهدة مباريات فريقه نتيجة أحداث العنف الذي اكتنفت مباريات كرة القدم ، وما حدث في تركيا مع الجمهور الإنكليزي الذي وصل الى حد قتل البعض من جمهوره بعد انتهاء المباراة، هذا فضلاً عن حرمان بعض الفرق الانكليزية من الاشتراك في البطولات الأوربية بسبب أحداث الشغب والعنف ، مما حدى بالمسؤولين الإنكليز الى لوم هؤلاء وإعتبارهم أناس أساءوا الى سمعة المجتمع الإنكليزي المعروف بسلوكه الهادي . ان مناهضة كافة اشكال العنف في ملاعبنا وتطبيق شعار اللعب النظيف يجب التركيز عليها بالاستعانة بالخبراء الفنيين والرياضيين وعلماء النفس المختصين بهذا المجال وعدم جعل المنافسات الرياضية سبباً لتوليد الشغب والعنف بين الجمهور الرياضي ، ومقاومة مثل هذه الحالات وفي كافة المجالات الرياضية من خلال التركيز على الامور الرياضية في المسابقات ، ويجب على القائمين على تنظيمها وادارتها عدم تضليل المشاهدين بتصرفات غير لائقة تولد في حد ذاتها العنف ، لأن مثل هذه الامور تسئ الى الاخلاق الرياضية ويجب مقاومتها باتخاذ اجراءات حازمة وسريعة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة .ان ايجاد تعاون وثيق بين المؤسسات الرياضية للقيام بتثقيف اللاعبين على ضرورة تطوير اللعب النظيف والتصدي لمظاهر العنف يمكن ان تحصل نتيجة اللقاءات المستمرة بين القيادات الرياضية وقاعدتها واتخاذ الاجراءات ووضع التعليمات والضوابط التي قد ينجم عنها التوصل الى حماية افضل للاعبينا . لهذا وجب التأكيد على انماط السلوك التي تربي السمعة الحسنة للاعبين ،وضرورة تطبيق هذه القوانين المتعلقة بالعقوبات على كل من يقوم بأعمال العنف الخطرة وتوضيح هذه القوانين للاعبين ومدربي واداري الفرق المشاركة بالمنافسات الرياضية وحثهم على مراعاة مبادئ الاخلاق الرياضية . اضافة الى وضع الحوافز من مكفاءات وجوائز للفرق واللاعبين الذين يتمتعون بالأخلاق السامية واللعب النظيف اثناء المباريات. وهناك اشخاص وهيئات يدعمون الاندية الرياضية ذا تأثير مباشر على لاعبيها ومشجعيها ، ولهذا وجب عليهم بذل المزيد من الجهد للتأكيد على الاخلاق الرياضية الحسنة ، وعدم اغفال دور اجهزة الدولة وخاصة الامنية منها الى ممارسة مسؤوليتها في معالجة المشاكل المتعلقة بالأمن والاخلاق وتطبيق القوانين المتعلقة بمسائل الامن والتصدي لمظاهر العنف الرياضي . اضافة الى قيام الجهات الوطنية المسؤولة عن الثقافة والرياضة بإعداد برامج فعالة تهدف للتوصل الى نشر افضل القيم الاساسية للرياضة بدعم من مؤسسات الدولة كافه للقيام بمهامها بهذا المجال وفق اساليبها الخاصة طبقاً للشروط المناسبة لهاً . وتلعب وسائل الاعلام والصحافة دور كبير وعليها مسؤوليات تجاه ظاهرة الشغب في الملاعب وايضاح الامور لتخفيف حدة تلك الظاهرة . ولهذا وجب عليها توجيه اهتمامها للشباب ووضعهم امام مسؤولياتهم وتشجيعهم على المساهمة في ادارة المباريات الخاصة بالشباب ، وفسح المجال امام الصحفيين الشباب لحضور الاجتماعات والندوات واللقاءات التي تعقد حول ظاهرة العنف وفسح المجال امامهم للتحدث فيها وتحليل دور الاعلام في التصدي لها لكونهم هم الاقرب في اعطاء صورة دقيقة وواضحة عن الامور التي تؤدي الى استعمال هذه الظاهرة الخطرة على مجتمعنا العربي . ان تكليف البعض بإجراء دراسات وبحوث ميدانية لظاهرة العنف والشغب في الملاعب والاستفادة من المتوفر فيها من المكتبات وخاصة في كليات التربية البدنية وعلوم الرياضة واقسام العلوم النفسية والتربوية التي تدرس مثل هكذا ظواهر سوف تساعد كثيراً على اعطاء صوره دقيقة وواضحة للمسؤولين عن السبل الكفيلة لمعالجتها وخاصة اذا ما كانت تلك الدراسات والبحوث قد ركزت على ادانة الاعمال والتصرفات التي تشوه الرياضة وتوصي بضرورة اللعب النظيف وتقترح الصيغ والاساليب الكفيلة بمواجهة الاعمال المعادية للرياضة ، ومناهضة العنف والعمل للتوصل الى تطوير الاخلاق الرياضية .
التدخل السياسي والحكومي في الرياضة : ان الالعاب الرياضية بطبيعتها تشجع النزعة الوطنية والتي تبرز بوضوح من خلال الاحتفالات الخاصة بالمسابقات الرياضية وخاصة حفلات الافتتاح والختام واستعراض الرياضيين بملابسهم الوطنية ورفع الاعلام وعزف الاناشيد الوطنية . مما جعل الحكومات تدعم تمويل الرياضة وتوفير التسهيلات والخدمات وتدريب واعداد القادة والمدربين بالإضافة الى المساعدة في ضمان انظمة التدريب الوافية والخدمات للرياضيين . وفي الوطن العربي تقوم معظم مؤسسات الدولة في المساعدة في تنظيم المسابقات والدورات وزيادة الموارد المادية وتوفير الرعاية الصحية للرياضيين . هذا بالإضافة الى توفير المبالغ للمؤسسات الرياضية من اجل توسيع قاعدتها الرياضية وزيادة عدد الممارسين ، وتشجيع الشباب للاتجاه نحو الانشطة الهادفة وقضاء اوقات فراغهم بممارستهم مختلف الانشطة الرياضية . ان العبء الكبير الذي تتحمله اللجان الاولمبية الوطنية العربية ووزارات الرياضة والشباب والمؤسسات الرياضية في الوزارات الاخرى لايجب وحدها ان تتحمل عبء هذه المهام لوحدها ، لأنها لاتستطيع ان تتحمل مسؤولية تنمية المجتمع رياضياً وتوفير المستلزمات الكافية للمشاركات الرياضية الداخلية والخارجية بدون هيئات اهلية تتحمل مسؤولياتها بالتعاون مع حكوماتها من خلال الاتصال المستمر بين المسؤولين في الحكومة والقطاعات الاهلية لعدم الامكان الاستغناء عن كل منهما لخدمة الحركة الرياضية ، ونشر التقاليد الاجتماعية والثقافية وتعريز المكانة الوطنية بالاحتكاك مع الفرق الرياضية على المستوى الدولي والمحلي . ان الدول لايمكن لوحدها تحمل مسؤولية الاهتمام والبناء والتنمية في المجال الرياضي فلابد للهيئات الرياضية ان يكون لها دور حيوي في ابراز هذه المهام ومعاونه الدولة على تحقيق اهدافها في أعداد المواطن الصالح الذي يسعى الجميع اليه . وبما ان معظم المؤسسات الرياضية في الوطن العربي مرتبطة بالدولة وتعتمد عليها بشكل مباشر بتمويلها لعدم وجود جهات اخرى تقوم بذلك كما هو في الدول الاخرى ، لهذا نجد ان العولمة الرياضية وفي هذا المجال بالذات لم تأخذ دورها لدى مؤسساتنا الرياضية الا من قبل بعض المنتفعين الذين لايقدمون الا الشيء القليل لها والذي لايسد حاجاتها وهذا مما اثر بشكل مباشر على تطوير الرياضة في معظم انديتنا ومؤسساتنا . الا ان الصراع القائم بين القطاعين الاهلي والحكومي ادى الى عزوف الهيئات والاتحادات والاندية الاهلية عن العمل لخدمة المواطن ، نتيجة عدم توضيح دور كل طرف لمسؤولياته في تطوير الرياضة . ان الدعم المادي المقدم من الحكومات العربية للمؤسسات والاندية الرياضية يجب ان يكون كافياً لتنفيذ مهامها ، على ان تتحمل هذه الجهات مسؤوليتها المالية والفنية وامكانية محاسبتها عند ارتكاب أي مخالفات . اما من ناحية العلاقة بينهما فإننا نلاحظ وبشكل واضح قلة الاتصال وتبادل الرأي بين الحكومة ومؤسساتنا الرياضية مما ادى الى استقلالية عمل كل منهما عن الاخرى ، اضافة الى محدودية التمويل وعدم احساس كل طرف باحتياجات الاخر وعدم معرفة الدوافع لكل طرف . اما من الناحية السياسية فإن معظم الدول تفتخر بكونها متقدمه رياضياً اسوة بتقدمها السياسي والاقتصادي لتعلن للعالم انها الاولى ليس فقط اقتصادياً او عسكرياً ولكن رياضياً ايضاً ، ولعل اهتمام الكثير من الساسة واصرارهم على احراز الانتصارات وحضورهم مباريات دولهم ما هو الا تأكيد لتفوق سياسة بلدانهم ، وتدخل البعض منهم من اجل الفوز باستضافة الدورات والبطولات الرياضية من خلال الاتصال بأعضاء اللجان الاولمبية الدولية لكسب اصواتهم ودعوتهم لزيارة دولهم ، اضافة الى محاولة اغرائهم لكسبهم الى جانب دولهم . ان ابرز ظهور للسياسة في الرياضة هو خلال قيام الدول بتنظيم واستضافة الدورات الاولمبية والبطولات العالمية والقارية حيث ينشد جميع الساسة بالحصول على تنظيمها لأجل مكاسب سياسية حتى لو كانت على حساب الحركة الرياضية . ان تصور بعض الساسة وقادة الحكومات في الرياضة واستغلالهم لها لأجل اغراضهم الخاصة يعدوه انتصاراً سياسياً يحسب لهم كما يحسب حصول البطل على مدالية انتصاراً سياسياً بدلاً من كونه رياضياً وهذا سوف يؤدي الى عزوف عدد كبير من العاملين في القيادات الرياضية لتولي مسؤوليات الحركة الرياضية ، وبهذا تنتقل المسؤولية الى قادة الحكومة الذين يلزمون الرياضي للعمل في ظل قوانين محليه لاتساهم في تطوير الرياضة ، بل انخفاض المستوى الرياضي واستخدام اساليب غير تربوية في اعداد الابطال وهذا ما يهدد الرياضة وخاصة ان المسؤولين السياسيين والحكوميين دائمو التغيير وقليلي التخطيط وارتباطهم بالرياضة وظيفي فقط خلال مدة عملهم القصيرة في تحمل مسؤولياتهم . لهذا وجب على الجميع وضع تصورات مستقبليه لمناقشة مبادئ الحركة الرياضية وتوضيح اهمية مساعدة الحكومة للمؤسسات الرياضية ودعمها مادياً من اجل تطوير الرياضة الجماهيرية والتنافسية ورفع مستوى ابناء مجتمعنا تربوياً وثقافياً وصحياً واجتماعياً .
عضوية الهيئات الرياضية
ان تدخل بعض الاشخاص من خارج الوسط الرياضي في ادارة بعض الاتحادات والاندية الرياضية نتيجة الانتخابات غير النزيهة والدقيقة وتكتل بعض العناصر السيئة وتأثيرها على الانتخابات قد ادى الى فوز عناصر غير مؤهلة فعلاً للعمل بها ومخالفة لأنظمتها وقوانينها فالاتحادات الرياضية تشترط على عضو الاتحاد ان يكون ممارساً او حكماً او مدرباً للعبة ، ولو اجرينا دراسة حول الواقع الحالي للعاملين بالاتحادات لوجدنا ان كثير من العناصر التي تبحث عن الشهرة المبنية على اسس خاوية دون خلفية رياضية ، او لكسب بعض الموارد المادية ، استطاعوا ان ينفذوا الى عضوية الاتحادات الرياضية ويشاركوا في اداراتها وهم غير مؤهلين للعمل بها . ان الاسباب او الحقائق التي دعت هؤلاء الى الانطلاق بقوة للدخول او التدخل في عمل الهيئات الرياضية هو الحصول على الموارد المالية نتيجة بيع او شراء بعض المباريات الرياضية او فتح اسواق للمراهنات على نتائجها والتي اصبحت مصدر دخل ، لبعض منهم مما حدى بهم تقديم الرشاوي للاعبين او المحكمين لتعديل نتائج المباريات ، ان سهولة الدخول في انتخابات الهيئات الرياضية ( انديه واتحادات ) لهؤلاء الدخلاء على الرياضة تحصل نتيجة مساعدتهم المادية لها في انجاز بعض مهامها ومشاركاتها في الاجتماعات والسباقات وخاصة بالسفر خارج البلد معها ودفع نفقات اعضاءها نظير التزامهم بقائمة معينه في الانتخابات ونجاحها سواء كانت بمشاركتهم او مساندة مستجيبه لهم . وتعد حاجة الهيئات الرياضية للأدوات والاجهزة الرياضية عالية التقنية وغالية الثمن في بعض الالعاب الرياضية سبباً اخر لتدخل بعض العناصر المستفيدة بتقديمها كهدية لها بحجة الارتقاء بالمستوى الفني للاعبيها والحقيقة هي التزام الهيئات الرياضية التي تتسلم مثل هذه الهدايا بتعليماتهم التي كثيراً ما تكون خلف منح الهدايا ، وقد يكون التمويل مادياً ايضاً من اجل التأثير في اختيار اعضاء الهيئات من الاندية والاتحادات .
العودة إلى الصفحة السابقة
- المكتبة الرياضية -
www.sport.ta4a.us |