Sport.Ta4a.Us المكتبة الرياضية > مقالات رياضية > الرياضة في الإسلام الرياضة في الإسلام
|
بسم الله الرحمن الرحيمالرياضة في الإسلامالعناصر : مظاهر عناية الإسلام بالصحة ، اهتمام الإسلام بالرياضة مظهر من مظاهر الاهتمام بالصحة ، أنواع الرياضات التي وردت في السنة النبوية ، رياضة الكرة : ممارستها ومشاهدتها . الخطبة الأولى : أما بعد ؛ فنعم الله على العباد لا يمكن لأحد أن يحصيها ،}وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ{ ([1]) ، ومن جملة هذه النِّعم : نعمة الصحة والعافية . فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ e :((نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ؛ الصِّحَّةُ، وَالْفَرَاغُ)) ([2]). وثبت عنه e قوله :((مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا)) ([3]) . ولذا اهتمَّ الإسلام اهتماماً كبيراً بصحة الإنسان ، فأمر بما من شأنه أنْ يُعزِّزها، قال تعالى } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ{ ([4]) ، ونهى عما يذهب بها أو يضعفها ، قال تعالى :} وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ{ ([5]). وحسبنا اليوم أن نقف مع مظهرٍ واحد من مظاهر اهتمام الإسلام بالصِّحة ، ألا وهو ندبه للقيام ببعض الرياضات .. فللرياضة أثر كبير في صحة الإنسان ، فمن آثارها : 1.تنشيط الدورة الدموية، وهذا يؤدي إلى تحسين أداء وظائف الجسم . 2.الوقاية من كثير من الأمراض ؛ كأمراض القلب والضغط والسكر . 3.الارتقاء بالحالة النفسية، وتحسين المزاج . 4.إخراج الفضلات السامة . 5.تنمية العضلات . 6.اكتساب النشاط والحيوية ؛ مما يعين على تحسين أداء الوظائف اليومية . 7.تقليل الدهون في الدم ، مما يعني الوقاية من مخاطر ارتفاع نسبة الكوليسترول . 8.تحقيق العفاف ؛ فإنَّ تراكم السعرات الحرارية مما يهيج الشهوة ويؤجج نارها . ولذا نجد أنَّ الإسلام اعتنى بأمرها ، فالشريعة الإسلامية جاءت بتكميل المصالح وبدرء المفاسد . عباد الله :
من يبحث في سيرة نبينا e يجده قد قام ببعض أنواع الرياضات، وندب إليها، ويجده قد أقرَّ الصحابة على فعل بعض أنواعها ..فمن ذلك : 1/ رياضة الرمي والمناضلة . قال عقبة بن عامر سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ e وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ :}وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ{، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ)) ([6]). وكان نبينا e يحث الصبية على هذه الرياضة المهمة .. فعن سلمة بن الْأَكْوَعِ t قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ e عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ e :((ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ ؛ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، ارْمُوا وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلَانٍ)) ، فَأَمْسَكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِe :((مَا لَكُمْ لَا تَرْمُونَ))؟ قَالُوا : كَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ ؟ قَالَ النَّبِيُّ e :((ارْمُوا فَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ)) ([7]). ولم يجمع النبي e أبويه إلا لسعد بن أبي وقاص ؛ لرمايته في الجهاد ..قال علي بن أبي طالب t :مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ e يُفَدِّي رَجُلًا بَعْدَ سَعْدٍ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ :((ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي)) ([8]). وجعل النبي e اللعب بالسهام من نوع اللهو الذي يُؤجر عليه الإنسان ، فعن عطاء بن أبي رباح قال : رأيت جابر بن عبد الله وجابر بن عمير الأنصاريين يرميان ، فملَّ أحدهما ، فجلس ، فقال الآخر : كسلت ! سمعت رسول الله e يقول :((كلُّ شيء ليس من ذكر الله فهو لغو ولهو إلا أربع خصال : مشي الرجل بين الغرضين ، وتأديبه فرسه ، وملاعبته أهله ، وتعليم السباحة)) ([9]). وحذَّر النبي r من ترك هذه الرياضة بعد تعلمها وممارستها ، فعن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ أَنَّ فُقَيْمًا اللَّخْمِيَّ قَالَ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ : تَخْتَلِفُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْغَرَضَيْنِ وَأَنْتَ كَبِيرٌ يَشُقُّ عَلَيْكَ ؟ قَالَ عُقْبَةُ : لَوْلَا كَلَامٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ e لَمْ أُعَانِيهِ . قَالَ الْحَارِثُ : فَقُلْتُ لِابْنِ شَمَاسَةَ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : إِنَّهُ قَالَ :((مَنْ عَلِمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تَرَكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا -أَوْ قَدْ عَصَى- )) ([10]. قال ابن القيم رحمه الله :" المناضلة على ضربين : مناضلة على الإصابة، ومناضلة على بعد المسافة" ([11]). والمناضلة على الإصابة قسمان : مناضلة على رمي الهدف الشاخص، ومناضلة على الرمي بين الغرضين . وقد كان للنبي e خمسُ قِسِيٍّ يرمى بها : البيضاء، والصفراء ، والزوراء، والروحاء، والكتوم . من الرياضات التي مارسها النبي e : 2/ رياضة السباحة . ففي الحديث السابق عدها النبي e من اللهو المأجور عليه . قال ابن عباس t : كان النبي eوأصحابه يسبحون في غدير ، فقال النبي e: ((ليسبح كل رجل منكم إلى صاحبه)). فسبح كل رجل منهم إلى صاحبه وبقي النبي e و أبو بكر ، فسبح النبي e إلى أبي بكر حتى عانقه وقال : ((أنا إلى صاحبي ، أنا إلى صاحبي)) ([12]). وكان عمر رضي الله يرشد إلى تعليم السباحة ، قال أبو أمامة بن سهل: كتب عمر t إلى أبي عبيدة بن الجراح : أنْ علموا غلمانكم العوم ، ومقاتلتكم الرمي ([13]). وقد كانت العرب تسمي من أتقن الكتابة والسباحة : الكامل ؛ لقلة من يجمع بين هذين الأمرين في ذاك الوقت. وينبغي الحذر من لبس القصير، والسباحة في الأماكن المختلطة ، ولبس القطن أو الثياب التي تلتصق بالجسد مع الماء . ومن أنواع الرياضات التي مارسها نبينا e 3/ ركوب الخيل . وسبق ذكرها في حديث اللهو ، وقد قال الله تعالى في الخيل :} وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ{([14]). وقال e :((الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )) ([15]). وقد كتب عمر بن الخطاب إلى أصحابه وهم بأذربيجان :" أما بعد ؛ فاتزروا ، وارتدوا ، وانتعلوا ، وارموا بالخفاف ، واقطعوا السراويلات ، وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل ، وإياكم والتنعم ، وزي العجم ، وعليكم بالشمس ؛ فإنها حمام العرب ، واخشوشنوا ، واخلولقوا ، وارموا الأغراض ، وانزوا على الخيل نزواً " ([16]). والمقصود أن تُركب الخيل بلا اعتماد على الأيادي، فيمتطي الفارس جواده بأن يقفز على ظهره ، وهذا ما كان يفعله t . ومن رياضات النبي e : 4/ الجري . تقوم أمُّنا عائشة : كنتُ مَعَ النَّبِيِّ e فِي سَفَرٍ ، فَسَابَقْتُهُ ، فَسَبَقْتُهُ عَلَى رِجْلَيَّ . فَلَمَّا حَمَلْتُ اللَّحْمَ سَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي ، فَقَالَ :((هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ)) ([17]). ولهذه الرياضة أثر عجيب في تنشيط الدورة الدموية . ومنها : 5/ رياضة المصارعة فعْن عَلِيِّ بْنِ رُكَانَةَ : أَنَّ رُكَانَةَ –وكان رجلاً شديداً-صَارَعَ النَّبِيَّ e ، فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ e ([18]). ومن الرياضات التي أقرَّ النبي e عليها أصحابه : 6/ رفع الأثقال . فقد مرَّ النبي e بقوم يربعون ([19])حجراً ليعلوا الأشدَّ منهم ([20])، فلم ينكر ذلك . ومن الرياضات التي ينبغي تعلمها : 8/ ألعاب القوة ؛ كالكراتيه، والتايكندو، والجودو ، والكونفو .. ولا شك في أن من تعلمها ليعز بها الإسلام ، ويتقوى على الجهاد ، فهو مأجور إن شاء الله .. ولكن علينا أن نُخلِّصَها من العادات الكفرية الذميمة ؛ كالانحناء للمدرب . عباد الله : هذه الرياضات علينا أن نرشد إليها أبناءنا ؛ فهذا خير لنا من أن نجعلهم نُهبةً للفضائيات ؛ فتدمر أخلاقهم . خير لهم من تضيع كل اليوم في محلات (البليي ستيشن) ، وأمام قناة (اسبيس تون) ، ولعب (البلي) .. أنا لا أشك أن صغارنا في حاجة ماسة إلى كثير لعب.. لكن ماذا علينا لو نظمنا أوقاتهم ليأخذوا حظهم من تلك الرياضات ؟ فكلُّ هذه الرياضات مندوب إليها بعموم حديث رسول الله e :((الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ : لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّر اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ؛ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ)) ([21]). بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم وللمؤمنين ، فاستغفروه إنه غفور رحيم .
الخطبة الثانية : الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على خير المرسلين، وسيِّد المؤمنين ، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛ ومن أنواع الرياضات التي تُمارس على نطاق واسع : رياضة كرة القدم .. والكلام عنها سيكون في نقطتين : الأولى : حكم ممارستها . والثانية : حكم مشاهدتها . أما ممارستها فالأصلُ أنَّها مباحة ، وقد تنتقل من الإباحة إلى ما يُؤجر الإنسان عليه كما لو قصد أن يتقوى بها على العبادة والجهاد كما هو مفاد كلام شيخ الإسلام في الفتاوى المصرية . وربما حَرُمت كما لو اقترنت بها مفسدة شرعية ؛ كإبداء عورةٍ ، أو إسرافٍ، أو إضاعة صلاةٍ ، ونحو ذلك . وأما مشاهدتها فلا بأس فيها إذا خلت من المفاسد التالية : 1/ إبداء اللاعبين لعورتهم وأفخاذهم . فعورة الرجل من السرة إلى الركبة ؛ لحديثين : الأول : ((إِنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ)) ([22]). الثاني : ((ما بين السرة والركبة عورة)) ([23]). 2/ الوقوع في محبة الكافرين . فتجد الشاب يعرف عن لاعب الأرجنتين والبرازيل أكثر مما يعرفه عن محمد بن مسلمة وسيف الله خالد ، تجده قد ملأ أركان غرفته بصور هؤلاء العلوج ، والله يقول :}َلا تَجِـدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ{ ([24]) . 3/ تضليل المسلمين عن قضايا أمتهم . ولا إخال أنكم نسيتم أن مجزرة اللعين شارون في صبرا وشاتيلا كانت أثناء كأس العالم عام 1994م . ولستَ – أيها المسلم- من الغفلة والغباء بحيث تخفى عنك الإجابة عن هذا السؤال : لماذا لم تقم إسرائيل بإنشاء فريق لكرة القدم ؟ جاء في البروتوكول الثالث عشر من برتوكولات حكماء صهيون :"ولكي تبقى الجماهير في ضلال لا تدري ما وراءها ، وما أمامها ، ولا ما يراد بها؛ فإننا سنعمل على زيادة صرف أذهانها بإنشاء وسائل المباهج والمسليات، والألعاب الفكهة، وضروب أشكال الرياضة واللهو ، ثم نجعل الصحف تدعو إلى مباريات فنية ورياضية" . 4/ تضييع الصلاة . بترك المساجد ، وتأخيرها . وربما جاء بعض المشاهدين إلى الصلاة أثناء المباراة وقلبه مشغول بها ، فلا يدري ما ذا قال في صلاته . 5/ الفرح لدرجة الطيش بسبب ظهور فريق معين . فتُسيَّر المسيرات ، وتتعالى أبواق السيارات ، والله يقول في محكم الآيات :} إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ{ ([25]). 6/ الحزن والاكتئاب بخسارة فريقه !! وقد قرأنا عمن مات بسبب ذلك والعياذ بالله .. خلق الله للحروبِ رجالاً ورجالاً لقصعةٍ وثريدِ وفي الحديث :(( إنَّ اللهَ كريمٌ يحبُّ الكرمَ، و مَعالِيَ الأمور، ويَكره سِفْسَافَها)) ([26]). أسأل الله تعالى أن يجعلنا من عباده المهتدين ، الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ...
[1] / سورة النحل ، الآية (18) . [2] / صحيح البخاري . [3] / سنن الترمذي وابن ماجه . [4] / البقرة ، الآية (172) . [5] / الأعراف ، آية (157) . [6] / صحيح مسلم . [7] / البخاري ومسلم . [8] / البخاري ومسلم . [9] / النسائي في السنن الكبرى . [10] / مسلم . [11] / الفروسية ، ص (358) . [12] / الطبراني في الكبير . [13] / مسند الإمام أحمد . [14] / الأنفال ، آية (60) . [15]( / البخاري ومسلم . [16] / صحيح ابن حبان ، ومصنف عبد الرزَّاق . [17] / أبو داود . [18] / أبو داود . [19] / يربعون : يرفعون وزناً ومعنى . [20] / اليبيهقي في شعب الإيمان . [21] / مسلم وابن ماجه . [22] / الترمذي . [23] / البيهقي . [24] / المجادلة (22) . [25] / القصص (76) . [26] / مستدرك الحاكم . العودة إلى الصفحة السابقة - المكتبة الرياضية - www.sport.ta4a.us |